للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وهذا إعْمَالٌ للبذلِ) أي: عدم وجوب الضمان إعمال للبذل (إلا أنه لا يباح) (١) أي: لا يباح القطع هذا جواب إشكال وهو أن يقال: لو كان الأطراف تجري مجرى الأموال لجاز قطع يده من غير إثم عند.

قوله: اقطع يدي كما يباح أخذ ماله/ عند قوله: خذ مالي فقال: (إنه لا يباح لعدم الفائدة) في قطعه كما هو في المال كذلك [أي] (٢) لا يباح عند عدم الفائدة بأن قال: ألق مالي في البحر أو احرقه إلى هذا أشار فخر الإسلام -رحمه الله- (٣) فإن قيل: لما قطع الطرف عند أَبِي حَنِيفَةَ بالنكول باعتبار أن الطرف يُسلك به مسلك الأموال (٤) كان ينبغي أن يجري الاستحلاف في قطع اليد في السرقة أيضاً ويثبت القطع عند النكول كما في النكول في قصاص الأطراف (٥).

قلنا: القطع في السرقة خالص حق الله تعالى جزاء فلا يثبت مع الشبهة، أمّا القصاص في الطرف فحق العبد الذي يسلك به مسلك الأموال فعومل به معاملة الأموال في ثبوته مع الشبهة (٦).

(يحبس به) أي: بحق اليمين (كما في القسامة) (٧) فإنّهم إذا نكلوا عن اليمين يحبسون حتى يقروا أو يحلفوا قيل لخصمه اعطه كفيلاً بنفسك، والقياس أن لا يكفل قبل إقامة البينة وأخذ الكفيل بمجرّد الدَّعْوَى استحسان عندنا فهو نظير الاستحلاف والخصم يستحلف عند طلب المدّعي بعد إنكاره وإن لم يتوجّه له حق بتلك الدَّعْوَى ولكن فيه منفعة للمدّعي من غير ضرر فيه على الخصم إذا كان محقاً في إنكاره وكذلك الأشخاص إلى بَابِه يثبت بنفس الدَّعْوَى لما فيه من النظر للمدّعي، فكذلك أخذ الكفيل كذا في المَبْسُوط (٨) حتى يُعدى عليه من الأعداء على لفظ المجهول يقال: استعدى فلان الأمير على من ظلمه أي: استعان به فأعداه الأمير عليه أي: أعانه عليه ونصره (٩) ومنه قول الشاعر (١٠):


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٨)
(٢) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٣) يُنْظَر: الكافي شرح الوافي (٢/ ٥٤٦).
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣٠٠).
(٥) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (١١/ ٤٩٩ - ٥٠٠).
(٦) يُنْظَر: نتائج الأفكار (٨/ ٢٠٠).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٨).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٠/ ١٣٦).
(٩) يُنْظَر: المُغْرِب في ترتيب المُعْرب؛ للمطرزي (٢/ ٤٧).
(١٠) يُنْظَر: بهجة المجالس وأنس المجالس؛ لابن عبد البر (١/ ٧٩).