للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: القاضي لا يجد يدًا من إلحاق الضرر بأحدهما وكان مراعاة جانب المدّعي أولى؛ لأنّ السّبب الموجب للحق وهو الشراء إذا ثبت يثبت الحق له وسقوطه [إنّما] (١) يكون بأسباب عارضة فيجب التمسّك بالأصل حتّى يقوم الدليل على العارض كذا ذكره الصدر الشهيد -رحمه الله- في أدب القاضي (٢)، وإن كان سبباً لا يرتفع إلى أن قال: إذا ادّعى العتق على مولاه وجحد المولى لا يحلّف المولى على الحاصل، وإنّما يحلف على السّبب لأنّه لا ضرورة إلى التحليف على الحاصل إذ لا يجوز أن يعود رقيقاً بعد الإعتاق ولو تصوّر عود الرق إنما يتصوّر على تقدير وقوع الاستيلاء عليه بعد الارتداد [ولا يمكن ذلك بالنسبة إلى العبد المسلم؛ لأنه يقتل بالارتداد] (٣) ولا يكرّر ذلك على العبد المسلم؛ لأنّه إذا ارتد قتل بخلاف العبد الكافر والأمة مطلقاً فالتحليف على السبب بالإجماع (٤) بأن قال: والله ما أعتقت؛ لأنّه لا علم له بما صنع المورث فلا يحلّف على البتات، وأصل هذا أن الدَّعْوَى إذا وقعت على فعل الْمُدَّعَى عليه من كل وجه بأن ادّعى عليه رجل أنك سرقت هذا العين مني أو غصبت يستحلف على البتات وإن وقعت الدَّعْوَى على فعل الغير من كل وجه يحلف على العلم حتّى لو ادّعى ديناً على ميت بحضرة وارثه بسبب الاستهلاك أو ادّعى أن أباك سرق هذا العين مني [أو غصب هذا العين مني] (٥) يحلف على العلم وهذا مذهبنا قال شمس الأئمة [الحلواني] (٦) -رحمه الله- (٧): هذا الأصل مستقيم في المسائل كلها أن التحليف على فعل الغير يكون على العلم إلا في الرد بالعيب يريد به أن المشتري إذا ادّعى أنّ العبد سارق أو آبق (٨) وأثبت إباقه أو سرقته في يد نفسه وادّعى أنّه آبق أو سرق في يد البائع وأراد تحليف البائع يحلف على البتات بالله ما أبق ما سرق في يدك، وهذا تحليف على فعل الغير وإنّما كان هكذا؛ لأنّ البائع ضمن تسليم المبيع سليمًا عن العيوب فالتحليف يرجع إلى ما ضمن بنفسه فيكون على البتات.


(١) في (ج) (لا).
(٢) يُنْظَر: شرح أدب القاضي (٢/ ١٦٩ - ١٧٠)،
(٣) [ساقط] من (ب) و (ج).
(٤) يُنْظَر: مجمع الأنهر (٣/ ٣٥٩)، الذخيرة (١١/ ٦٦)، الأم (١٤٣٦)، المغني (١٤/ ٢٢٨).
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) في (ج) (السرخسي).
(٧) يُنْظَر: الكافي شرح الوافي (٢/ ٥٦٦).
(٨) العبد الآبق: المملوك الذي يفر ويروغ من مالكه قاصداً. أبقَ العبد أبقاً: إذا هرب من سيده من غير خوف ولا كدِّ عمل، أما إذا هرب العبد من ظلم سيده لا يسمى آبقاً بل يسمى هارباً، وعلى هذا الإباق عيب والهروب ليس بعيب. يُنْظَر: لسان العرب (١٠/ ٣)، التعريفات (١/ ٢٠).