للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر شيخ الإسلام (١) في حجة الشافعي -رحمه الله- بأنه يشترط كمال الطهارة وقت اللبس وقال: إنه لبس الخف قبل تمام الطهارة فلا يجزئه المسح قياسًا بما لو أحدث فيما بين ذلك، وهذا لأن وقت اللبس حال انعقاد العلة؛ لأنه سبب منع سريان الحدث، [و] (٢) وقت الحدث حال ثبوت الحكم فيشترط الطهارة في الطرفين كما في ملك النصاب يشترط كمالُه في طرفي الحول.

واحتج علماؤنا بأن الحدث تأخر عن كمال الطهارة واللبس فيجزئه المسح كما لو أتم الطهارة أولاً ثم لبس خفيه، وهذا لأنه إنما يحتاج إلى المسح بعد تمام اللبس إذا أحدث، فأما إذا لم يحدث فإنه لا يحتاج إلى المسح فلذلك يراعي تمام الطهارة وقت الحدث لا وقت اللبس لما أن الخف اعتبر مانعًا من سريان الحدث إلى الرجلين لا رافعًا حدثًا قبله فإنما يصير مانعًا إذا كانت الطهارة كاملة وقت الحدث، وأما إذا كانت الطهارة ناقصة عند الحدث يصير الخف رافعًا حدثًا كان بالرجلين من حيث الحكم، وإن لم يكن من حيث الحقيقة وهو شرع مانعًا لا رافعًا.

وأما قوله (٣) بأن [وقت] (٤) اللبس حال انعقاد العلة [سببًا] (٥): ليس كذلك؛ لأن انعقاد العلة لا يتصور بدون محلها، ومحلها الحدث؛ لأن محل العلة محل حكمها، وحكمها منع الحدث فيكون محل الحكم [هو] (٦) الحدث، والحدث معدوم حالة اللبس، وأما هو فليس [حال] (٧) حلول الحكم وهو ظاهر فكان حال اللبس غير حال الانعقاد وغير حال حلول الحكم فحينئذٍ كان هو أشبه بما بين طرفي الحول وكمال النصاب فيه ليس بشرط فكذا هنا.


(١) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) أي: قول الشافعي المتقدم.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): «فقلنا» والتصويب من (ب).
(٦) في (ب): «وهو».
(٧) في (ب): «بحال».