للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ لا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الْكَمَالِ وَقْتَ اللِّبْسِ بَلْ وَقْتَ الْحَدَثِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا، حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَكْمَلَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ أَحْدَثَ يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ، وَهَذَا لأنَّ الْخُفَّ مَانِعٌ حُلُولَ الْحَدَثِ بِالْقَدَمِ فَيُرَاعَى كَمَالُ الطَّهَارَةِ وَقْتَ الْمَنْعِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً عِنْدَ ذَلِكَ كَانَ الْخُفُّ رَافِعًا (وَيَجُوزُ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا) لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا»

-قوله -رحمه الله-: (ويجوز للمقيم يومًا وليلةً وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها) ذكر في «الأسرار»: «قال عامة العلماء مدة مسح الخف مقدرة، وقال مالك (١): [بأن مدة المسح] (٢) غير مقدرة» (٣) ذكره من غير فصل بين المقيم والمسافر كما ترى.

وقال شيخ الإسلام في «مبسوطه» (٤): وقال مالك بأن مدة المسح في حق المسافر غير مؤقت، بل يمسح عليهما كما شاء إذا لبسهما على الطهارة وجعل هذا القول الإمام السرخسي (٥) -رحمه الله-: قول الحسن البصري: وقال: وكان الحسن البصري يقول: المسح مؤبدٌ للمسافر، ثم قال: وكان مالك يقول: لا يمسح المقيم أصلاً ويمسح المسافر ما بدا له، واحتج من ادعى [التأبيد] (٦) للمسافر بحديث عمار بن ياسر (٧) قال: قلت: يا رسول الله [أمسح] (٨) على الخفين يومًا؟ قال: «نَعَم». فقلت: يومين؟ قال: «نَعَم». حتى انتهيت إلى سبعة أيام فقال: إذا كنت في سفر فامسح ما بدا لك، وتأويله [عندنا] (٩) أن [مراده] (١٠) -صلى الله عليه وسلم-


(١) مذهب المالكية: أن المسح على الخفين لايقيد بمدة، فلا يجب نزعهما بعد مرور يوم وليلة كما عند الشافعية. انظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير=بلغة السالك لأقرب المسالك (١/ ١٥٤)، وفقه العبادات على المذهب المالكي (١/ ٧٦).
(٢) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٣) الأسرار ص (١٩٦).
(٤) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام.
(٥) المبسوط للسرخسي (١/ ٩٨) باب المسح على الخفين.
(٦) في (ب): «التأكيد» ولعله تصحيف.
(٧) الصحيح: هو أُبي بن عمارة الأنصاري -رضي الله عنه- صحابي، روي له عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث واحد. انظر: الإستيعاب (١/ ٣١)، تهذيب التهذيب (١/ ١٨٧) رقم (٣٤٩)، نصب الراية (١/ ١٧٧)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٠٧). وهذا الحديث، أخرجه أبو داود في سننه (١/ ١٠٩) برقم (١٥٨) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح، عن أبي بن عمارة أنه قال: (يا رسول الله، أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ يَوْمًا قَالَ «يَوْمًا». قَالَ وَيَوْمَيْنِ قَالَ «وَيَوْمَيْنِ». قَالَ وَثَلَاثَةً قَالَ «نَعَمْ وَمَا شِئْتَ) ثم ساق رواية أخرى عنه قال فيه: (حتى بلغ سبعًا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نَعَمْ وَمَا بَدَا لَكَ). قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده وليس هو بالقوي … أ هـ. وابن ماجة في سننه (١/ ١٨٥) برقم (٥٥٧) كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المسح بغير توقيت، والدارقطني في سننه (١/ ١٩٨) كتاب الطهارة، باب الرخصة في المسح على الخفين، وقال هذا الإسناد لا يثبت، وقد اختلف فيه علي يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا، وعبد الرحمن ومحمد بن يزيد، وأيوب ابن قطن مجهولون. أهـ.
(٨) في (ب): «أأمسح».
(٩) ساقطة من (ب).
(١٠) في (ب): «مراد».