للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيان أن المسح مؤبد غير منسوخ لا أن ينزع خفيه في هذه المدة والأخبار المشهورة لا تترك بهذا الشاذ، وأما عامة العلماء احتجوا بما روي عن صفوان بن عسال المرادي (١) -رضي الله عنه-أنه قال: أتيت رسول الله-عليه السلام-فقال لي: «مَا جَاء بِكَ؟». فقلت: طلب العلم. فقال رسول الله-عليه السلام-: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، [فعمَّاذا جئت] تسأل؟». قال: فسألته عن المسح على الخفين فقال: «لِلْمُقِيمِ يَومٌ ولَيْلَة، ولِلْمُسَافِر ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا» (٢). كذا في «المبسوط» لشيخ الإسلام (٣) -رحمه الله-/ ٢٣/ ب/.

قَالَ: (وَابْتِدَاؤُهَا عَقِيبَ الْحَدَثِ) لأنَّ الْخُفَّ مَانِعٌ سِرَايَةَ الْحَدَثِ فَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْمَنْعِ

قوله: (وابتداؤها) أي: وابتداء مدة المسح عقيب الحدث.

وقال بعض الناس: يعتبر مدة المسح من وقت اللبس؛ لأن جواز المسح بسبب اللبس فتعتبر المدة من وقت اللبس.

[وقال بعضهم: من وقت المسح؛ لأن التقدير لأجل المسح] (٤) فيعتبر المدة من وقت المسح.

واحتج علماؤنا -رحمهم الله- بأن جواز المسح بسبب منع الخف [سريان] (٥) الحدث إلى القدمين بدليل أنه إذا لبسهما وهو محدث [ولم] (٦) يغسل قدميه فإنه لا يجزئه فيجب أن يعتبر المدة من [وقت] (٧) المنع والمنع إنما يثبت من حين وجود الحدث بعد اللبس لا وقت [اللبس] (٨)؛ لأن الحدث معدوم فلا يتصور منعه، فإنما منع من حين [الحدث] (٩) فيعتبر أيضًا من وقت الحدث.

ومن قال: يعتبر المدة من وقت اللبس يؤدي إلى أنه إذا مضى يوم وليلة على المقيم ولم يحدث يجب أن ينزع الخف ولا يجزئه المسح بعد ذلك وهو محال.


(١) هو صفوان بن عسال بمهملتين مثقل المرادي، له صحبة مشهور روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث روى عنه زر بن حبيش وعبد الله بن سلمة وغيرهما وذكر أنه غزا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اثنتي عشرة عزوة. انظر: الاستيعاب (٢/ ٧٢٤)، الإصابة (٣/ ٤٣٦).
(٢) الحديث رواه مسلم في صحيحه (١/ ٢٣٢) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، الحديث رقم (٢٧٦).
(٣) انظر: مبسوط شيخ الإسلام (١/ ٩٧) باب المسح.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): «سراية».
(٦) في (ب): «ثم».
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب): « … الحدث».
(٩) في (ب): «أحدث».