للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام ظهير الدين -رحمه الله- صاحب الفوائد (١): هذا إشكال هائل أوردته على كلّ قرم (٢) حَصِيف [الحَصِيفُ: المُحْكَمُ العَقْل] (٣) نحرير (٤) فلم يتهدّ أحد إلى جوابه ثُمَّ قال: والذي تخايل لي بعد طول التجشم [جشمه الأمر من باب فهمه وتجشمه أي: تكلّفه على مشقة وجشمه الأمر تجشيما وأجشمه أي: كلفه إياه الصِّحَاح (٥) التجشم على شي بمشقةٍ] (٦) أن فيما ذكر من المسائل لم يتحقق ما يوجب الفسخ فيما صار مقصودًا بالعقد.

وفيما نحن بصدده تحقق ما يوجب الفسخ فيما صار مقصودًا بالعقد وهو التحالف أما في الحي منهما فظاهر وكذلك في الميت منهما؛ لأنّه إن تعذّر الفسخ في الهالك لمكان الهلاك لم يتعذّر اعتبار ما هو من لوازم الفسخ في الهالك وهو اعتبار قيمته يوم القبض؛ لأنّ الهالك مضمون بالقيمة يوم القبض على تقدير الفسخ كما هو مذهب مُحَمَّد -رحمه الله- (٧) / حتّى قال: يضمن المشتري قيمة الهالك على تقدير التحالف عنده فيجب إعمال التحالف في اعتبار قيمة الهالك يوم القبض فلهذا يعتبر قيمتها يوم القبض وأيهما أقام البينة قبلت بينته لأنّه نوّر دعواه بالحجة وإن أقاما البينة فبيّنة البائع أولى لأنّ البائع يدعي زيادة في قيمة الهالك والبينات شرعت لإثبات الزيادات فإن قيل المشتري يدّعي زيادة في قيمة القائم فوجب أن تقبل بينته.

(لإثباته الزيادة) (٨) قلنا: أن الذي وقع الاختلاف فيه مقصودًا قيمة الهالك والاختلاف في قيمة القائم يثبت ضمنًا للاختلاف في الهالك وبينة البائع قامت على ما وقع الاختلاف فيه مقصودًا فكانت أولى بالاعتبار كذا ذكره الإمام الْمَرْغِينَانِيّ وقَاضِي خَانْ وهو قياس ما ذكره في بيوع الأصل (اشترى عبدين) إلى آخره ذكر تلك المسألة التي أحالها على بيوع الأصل (٩) الإمام قَاضِي خَانْ -رحمه الله- في الجامع الصغير وأحالها على الجامع الكبير (١٠) فيجوز أن تكون مذكورة فيهما جميعًا (وينقسم الثمن على قيمتهما) (١١) أي: على قيمتهما يوم القبض (فإن اختلفا في قيمة الهالك) (١٢) أي: في مسألة الأصل؛ (لأنها تتوجه على أحد العاقدين) أي: لا على الوكيل والنائب لما أن اليمين لا تجري فيها النيابة والبائع منكر حقيقةً؛ لأنه ينكر سقوط الزيادة (فلهذا تقبل بينته أيضاً) أي: كما أن الاعتبار في الأيمان ليمين البائع حتى كان القول قوله باليمين فكذلك في البينات الاعتبار لبينة البائع لكون بينته أكثر إثباتًا من بينة المشتري ويترجح بالزيادة الظاهرة على ما مرّ وهو قوله: (لأنها أكثر إثباتًا ظاهراً وهذا يبيّن لك معنى ما ذكرناه من قول أبي يُوسُف -رحمه الله-) (١٣) أي: ما ذكر في الأصل يتبين لك صحة ما ذكرنا من قول أبي يُوسُف -رحمه الله- من تفسيره في التحالف وتفريعاته التي ذكرت في مسألة الجامع الصغير (١٤).


(١) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٢) القرم من الرجال: السيد المعظم. يُنْظَر: الصحاح (٥/ ٢٠٠٩).
(٣) [ساقط] من (أ) و (ب). يُنْظَر: النهاية في غريب الأثر (١/ ٩٨١)، لسان العرب (٩/ ٤٨).
(٤) النحرير هو العالم بالشي المجرب له. يُنْظَر: معجم مقاييس اللغة (٥/ ٤٠٠).
(٥) يُنْظَر: الصِّحَاح (٥/ ١٦٦).
(٦) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٤/ ٢٧٤).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٤).
(٩) (اشترى عبدين وقبضهما ثم رد أحدهما بالعيب وهلك الآخر عنده يجب عليه ثمن ما هلك عنده ويسقط عنه ثمن ما رده وينقسم الثمن على قيمتهما). يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٥٠).
(١٠) يُنْظَر: الفتاوى الهندي (٣/ ٢٧).
(١١) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).
(١٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).
(١٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٤).
(١٤) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٦/ ٥٢٢).