للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الجامع الصغير لصدر الإسلام (١) -رحمه الله-، والبائع منكر حقيقة فتجب عليه اليمين (٢)، والبائع أيضاً مدّع من حيث الظاهر فإنّه يدعي زيادة قيمة الهالك فتكون البينة بينته، وهذا هو الاصل في الدّعاوى فكذلك في مسألتنا المشتري يدعي سقوط الزيادة من الثمن الذي أقرّ به والبائع ينكر فكان القول قوله مع اليمين والبينة بينة البائع أيضاً لما بيّنا (ومن اشترى جارية وقبضها) (٣) أي: ونقد الثمن أيضاً.

وذكر الإمام قَاضِي خَانْ (٤) -رحمه الله- رجل اشترى جارية بألف وتقابضا ثُمَّ اختلفا في الثمن فإنهما يتحالفان ويعود البيع الأوّل أراد به إذا تقايلا ولم يسلّم الجارية إلى البائع بحكم الإقالة حتّى اختلفا في الثمن؛ لأن التحالف قبل القبض موافق للقياس فيتعدّى إلى الإقالة ثُمَّ في فصل البيع إذا حلفا وتعذر إمضاء البيع لتعذّر الترجيح يُفسخ العقد ليعود كل واحد منهما إلى أصل حقه فكذلك في الإقالة وقبل الإقالة كان حق البائع] (٥) في الثمن وحق المشتري في المبيع فإذا حلفا تفسخ الإقالة حتى يعود كل واحد منهما إلى أصل حقه ويعود البيع الأوّل معناه أنه يعود البيع الأول إذا فسخ القاضي أو فسخا بأنفسهما الإقالة؛ لأنّ الإقالة لا تنفسخ إلا بالفسخ كالمبيع كذا ذكره صدر الإسلام ثُمَّ الإقالة قابلة للفسخ حتى أن المبيع إذا هلك في يد المشتري قبل الرد إلى البائع بعد الأقالة فأنه تنفسخ الأقالة ويعود البيع الأول حتى يكون الهالك في ضمان المشتري كذا كان بخط شيخي -رحمه الله- (ونحن ما أثبتنا التحالف فيه) أي: في التقايل (بالنص) إلى آخره (٦) هذا جواب لسؤال مقدر وهو أن يقال ينبغي أن لا يجري التحالف في التقايل كما لا يجري فيه التحالف إذا وقع الاختلاف بينهما بعد قبض البائع المبيع بعد الإقالة عندهما خلافاً لمُحَمَّد -رحمه الله- لثبوت التحالف بين المتبائعين بالسنة بخلاف القياس فأجاب عنه بهذا على وجه يقع الفرق فيما إذا وقع الاختلاف في الثمن بين ما إذا قبض البائع المبيع بحكم الإقالة وبين ما إذا لم يقبض وأنكر ثبوت التحالف بخلاف القياس فيما إذا لم يقبض البائع المبيع بحكم الإقالة.


(١) محمد بن محمد بن الحسين بن عبدالكريم، أبو اليسر، صدر الإسلام الْبَزْدَوِيّ: فقيه بخاري، ولي القضاء بسمرقند. انتهت إليه رياسة الحنفية في ما وراء النهر، وهو أخو فخر الإسلام الْبَزْدَوِيّ، له تصانيف، منها (أصول الدين) توفي في بخارى. يُنْظَر: تاج التراجم (٢/ ١٤٩)، الأعلام للزركلي (٧/ ٢٢).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٥/ ٧٧).
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).
(٤) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٣/ ١٧١).
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) قوله -عليه السلام-: «إذا اختلف المتبائعان تحالفا وترادا»، (لأنه ورد في البيع المطلق والإقالة فسخ في حق المتعاقدين وإنما أثبتناه بالقياس لأن المسألة مفروضة قبل القبض والقياس يوافقه) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٤).