للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا إذا كان مهر المثل مثل ما يقوله الزوج أو أقلّ فالقول قوله مع يمينه وإن كان مثل ما تقول المرأة أو أكثر فالقول قولها مع يمينها وهذا هو الأصح لأنّ تحكيم مهر المثل هاهنا ليس لإيجاب مهر المثل بل لمعرفة من يشهد له الظاهر، ثُمَّ الأصل في الدعاوى أن يكون القول قول من يشهد له الظاهر مع يمينه كذا ذكر الإمام قَاضِي خَانْ والْمَحْبُوبِيّ (١)، فإن قيل فعلى قوله ولكن يحكم مهر المثل فإن كان مثل ما اعترف به الزوج أو أقل قضى بما قال الزوج؛ لأنّ الظاهر شاهد له وكذلك في طرف المرأة بشكل المتبائعان فإنهما إذا اختلفا في الثمن وقيمة المبيع مثل ما يدّعيه أحدهما لا يعتبر قوله وإن كان الظاهر شاهدًا له ما الفرق بينهما.

قلنا: القضاء هناك بما يدّعيه أحدهما غير ممكن و [إن كانت القيمة] (٢) مطابقة لما يدّعيه أحدهما؛ لأنّ القيمة لا يمكن إثباتها ثمناً بمطلق العقد ومهر المثل يمكن إثباته مهراً لمطلق العقد وهذا هو الفرق بينهما إلى هذا أشار في الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (٣) ويبدأ بيمين الزوج عند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد؛ لأنّ أوّل التسليمين عليه فيكون أوّل اليمينين عليه كذا في الفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ (٤).

وذكرنا خلاف أبي يُوسُف -رحمه الله- (٥) فإنّ أبا يُوسُف قال القول قول الزوج في جميع ذلك قبل الطلاق وبعده ولا يحكم مهر المثل؛ لأن المرأة تدّعي الزيادة والزوج ينكر وكان القول قول المنكر كما في ساير الدعاوى، وإنما عرفنا التحالف في البيع وفي مبادلة المال بالمال نصًّا بخلاف القياس فلا يتعدى إلى غيره فكان القول قول الزوج مع يمينه إلا أن يأتي بشيء يسير مستنكر شرعًا وفي تفسير ذلك روايتان عن أبي يُوسُف -رحمه الله- على ما مرّ في النكاح (يكون لها قيمتها) (٦) أي: بعد التحالف معناه.


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع؛ للكاساني (٢/ ٢٧٥).
(٢) [إن كانت القيمة] تكرار يستقيم المعنى بدونها.
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ١٠٨).
(٤) يُنْظَر: البحر الرائق (٣/ ١٩٤).
(٥) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٧/ ٤٧٦).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٥).