للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي قول آخر المشكل بينهما نصفان (١).

وعلى قول الحسن البصري -رحمه الله- (٢) (٣) إذا كان البيت بيت المرأة فالمتاع كله لها إلا ما على الزوج من ثياب بدنه وإن كان البيت بيت الزوج فالمتاع له لأن يد صاحب اليد على ما في البيت أقوى وأظهر من يد غيره، ولأنّ المرأة ساكنة البيت، ألا ترَى أنها تسمى قعيدة (٤) فإذا [كان البيت لها فالبيت مع ما فيه في يدها] (٥) وعند دعوى مطلق الملك القول قول ذي اليد ومن يقول المتاع كله للزوج قال لأن المرأة في يد زوجها فما في بيتها/ يكون في يد الزوج أيضاً ألا ترَى أنه صاحب البيت وأن المنزل يضاف إليه ولهذا لو تنازع رجلان في امرأة وهي في بيت أحدهما وأقاما البينة كانت بينة صاحب اليد أولى فيكون هذا بمنزلة المؤاجر مع المستأجر إذا اختلفا في متاع الحانوت (٦) وهناك القول قول المستأجر وليس للمؤاجر إلا ما عليه من ثياب بدنه فهذا مثله.

ومن يقول الكل بينهما نصفان يقول استويا في سبب الاستحقاق؛ لأنهما ساكنان في البيت والبيت مع ما فيه في يدهما ولا معتبر في الدَّعْوَى والخصومات بالشبه، ألا ترَى أن إسكافاً (٧)، وعطاراً (٨) لو تنازعا في آلات الأساكفة أو آلات العطارين وهي في أيديهما قضى بينهما نصفان (٩) ولا ينظر إلى ما يصلح لكل واحد منهما (١٠)؛ وهذا لأن الإنسان قد يتخذ الشيء لاستعماله وقد يتخذ ليتجر فيه فكذا هنا ومن يقول أن المشكل بينهما يقول لكل واحد منهما فيما يصلح له نوع ترجيح من حيث الظاهر أنه هو الذي اتخذه لاستعماله فيترجح به كما لو تنازع صاحب الدار مع ساكنها في لوح موضوع في الدار ونقشه يشبه نقش الألواح التي في السقف وموضعه من السّقف ظاهر فإن القول قول صاحب الدار لأجل شهادة الظاهر له ولو لم يكن بهذه الصفة فالقول قول الساكن كسائر الأمتعة، فأمّا المشكل فلا ترجيح لواحد منهما فيعتبر فيه المساواة في سبب الاستحقاق ويكون بينهما نصفين كذا في المَبْسُوط (١١).


(١) هذا القول قال به زفر رحمه الله. يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣١٢).
(٢) أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، وأبوه مولى زيد بن ثابت الإنصاري، وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي -رحمه الله-، توفي سنة (١١٠ هـ) جمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة كان من سادات التابعين. يُنْظَر: سير اعلام النبلاء (٤/ ٥٦٣)، وفيات الأعيان (٢/ ٦٩).
(٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣١٢).
(٤) قَعيدةُ الرجل وقِعادُهُ بالكسر امرأته، لانها تقاعده. يُنْظَر: مختار الصحاح؛ للرازي (١/ ٥٦٠).
(٥) في (أ) (البيت لهما فالبيت مع مافيه في يدهما).
(٦) الحانوتُ: دُكَّانُ الخَمَّارِ. يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ١٩٣)
(٧) الإسكاف: صانع الخفاف، وقيل النجار، وقيل يطلق على كل صانع. يُنْظَر: لسان العرب (٩/ ١٥٦).
(٨) العطار: بائع العطر. يُنْظَر: المعجم الوسيط (٢/ ٦٠٨).
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية؛ للبابرتي (٨/ ٢٤٧).
(١٠) يُنْظَر: البناية شرح الهداية؛ للعيني (٨/ ٤٦٣).
(١١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٥/ ١٨٧).