للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين ما إذا ادّعيا الشراء من رجلين وأقاما بينة فوقتت إحدى البينتين دون الأخرى [حيث] (١) يقضي به بينهما نصفين وهاهنا يقضي لصاحب الوقت؟

قلت: جواب هذا يجيء بعد هذا بورق في الْكِتَابِ (٢)، وأوضح الفرق بينهما في المَبْسُوط (٣)، وقال: لأنّ كل واحد منهما هناك خصم عن بائعه في إثبات الملك له وتوقيت أحدهما لا يدل على سبق ملك بائعه فلعلّ ملك البائع الآخر أسبق فلهذا قضينا به بينهما أمّا هاهنا [فاتفقا] (٤) على ملك البائع الواحد فإنّما حاجة كل واحد منهما إلى إثبات سبب الانتقال إليه لا إلى إثبات الملك وسبب الملك في حق الذي وقّت شهوده أسبق، وذلك لأن شراهما حادث فإنما يحال بحدوثه إلى أقرب الأوقات ما لم يثبت التاريخ (٥)، وإنّما يثبت شراء الدار الذي لم يوقت شهوده في الحال فقد أثبت الآخر شراه سابقاً فكان (هو أولى ومعناه أنَّه في يده) (٦) أي: القبض ثابت في يده معاينة في الحال ثُمَّ قوله: ومعناه أنّه في يده إنما احتاج إلى التفسير بهذا؛ لأن قوله: (ومع أحدهما قبض) (٧) يجوز أن يحمل على أن يكون معناه أي: أثبت قبضه بالبينة فيما مضى من الزمان وهو في الحال في يد البائع جاز أن يكون الحكم هناك على خلاف هذا حيث ذكر في الذَّخِيرَةِ (٨) ثبوت اليد لأحد المدّعين بالمعاينة لأن تمكنه من قبضه يدل على سبق شراه وذلك لأنّ كل واحد منهما لما لم يثبت تاريخ الشراء كان شراهما ثابتًا في الحال لما ذكرنا من المَبْسُوط (٩) أن شراهما حادث فيحال بحدوثه إلى أقرب الأوقات ما لم يثبت التاريخ ولما كان كذلك كان شراء الذي لم يقبض مقارنًا لقبض صاحب اليد لأن كلاً منهما ثابت في الحال ثُمَّ شراء [القابض] (١٠) متقدّم على قبضه لا محالة لأنّ قبضه مبني على شراه إذ جواز قبضه إنما استفيد من شراه متقدّمًا عليه فلما تقدم شراه على قبضه كان هو متقدّمًا أيضاً على ما هو مقترن بقبضه وهو شراء المدّعي الذي لم يقبض فكان تاريخ شراء القابض متقدّمًا على شراء خصمه بهذا الطريق وقد ذكر قبل هذا (وإن ذَكَرَ كلُّ واحدٍ منهما تاريخًا: فهو للأول منهما).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٨).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٥٥).
(٤) في (ج) (فالقضاء).
(٥) يُنْظَر: بدائع الصنائع؛ للكاساني (٦/ ٣٧٠)
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٩).
(٧) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٨).
(٨) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٩/ ٧٧٩).
(٩) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٠٧).
(١٠) في (أ) (التقابض).