للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم يكن لهما على ذلك بينة فأيهما أقرت المرأة أنّه تزوجها قبله أو أنه تزوّجها دون الآخر فهي امرأته إما لأن بينته تترجح بإقرارها له كما بينا في جانب الزوج، أو لأن البينتين لما تعارضتا وتعذّر العمل بهما بقي تصادق أحد الرجلين مع المرأة على النكاح فيثبت النكاح بينهما بتصادقهما كل واحد منهما أنّه اشترى منه أي: من الثالث الذي هو صاحب اليد معناه من صاحب اليد وإنّما قيد به؛ لأنّ كل واحد منهما لو ادّعى الشراء من غير صاحب اليد فهو لا يخلو أمَّا إن ادّعيا الشراء من واحد أو من اثنين فالحكم على التفصيل يجيء بعد/ هذا في الْكِتَابِ (١).

وذكر في المَبْسُوط (٢): أن دارًا في يد رجل فادّعى رجل أنّه اشتراها منه بمائة درهم ونقده الثمن، وادّعى الآخر أنه اشتراها منه بمائتي درهم ونقده الثمن ولم يوقت واحدة من البينتين وقتًا فكلّ واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصفه بنصف الثمن الذي بيّن شهوده وإن شاء ترك لأنهما تصادقا على أنّ الملك كان في الأصل لذي اليد وادّعى كل واحد منهما التملك عليه بسبب شراء وقد استويا في ذلك ولو استويا في إقامة البينة على الملك المطلق عليه قضى به بينهما نصفين فكذلك هاهنا، فإن قيل فقد تيقن القاضي بكذب أحد الفريقين؛ لأن البيعين على دار واحدة من رجلين من كل واحد منهما بكماله لا يتصوّر في وقت واحد فينبغي أن تبطل البينتان.

قلنا: الشهود شهدوا بنفس البيع لا بصحته ولم يشهدوا بوقوع البيعين معًا ويتصوّر البيعان في وقتين من واحد لعين واحدة فكل واحد منهما اعتمد سبباً أطلق له الشهادة فيجب العمل به بحسب الإمكان (٣)؛ ولأنّ البيعين يتصوّر وقوعهما في وقت واحد من وكيلي المالك فيضاف عقد الوكيل إلى الموكل مجازاً بأن وكّل رجلين بأن يبيعا داره فباع كل واحد منهما [من رجل فإنّه يجوز وعقد الوكيل كعقد الموكل.

وثبت أنّه لا يستحيل ورود البيعين في زمان واحد من رجل واحد ويقضي لكل واحد من المشتريين بنصفها ويتخيّر كل واحد منهما] (٤) لنفرق الصفقة عليه فإنه أثبت عقده في الكل فَلِتَبَعُّضِ الملك عليه حين لم يسلم له إلا النصف خيرناهما فإن رضيا به فعلى كل واحد منهما من الثمن بقدر ما يسلم له من المبيع وذلك النصف بخلاف ما لو قال [ذلك] (٥) قبل تخيير القاضي حيث يكون له أن يأخذ الجميع؛ لأنه أثبت شراه في الكل ولم يفسخ القاضي بيعه في شيء، وإنما كان القضاء له بالنصف لمزاحمة صاحبه معه فإذا زالت المزاحمة قضى به بالكل كالشقيقين إذا سلم أحدهما قبل قضاء القاضي لهما يقضي للآخر بجميع الدار بخلاف ما لو كان تسليمه بعد القضاء فإنّه لا يكون للآخر إلا نصف الدار ولو وقت أحديهما ولم توقت الأخرى فهو لصاحب الوقت.


(١) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (١/ ٢١).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٦/ ٣١٩).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٠٧).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) [ساقط] من (ب).