للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَالْمَسْحُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ، يَبْدَأُ مِنْ قِبَلِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ) لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خُفَّيْهِ وَمَدَّهُمَا مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى أَعْلاهُمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى أَثَرِ الْمَسْحِ عَلَى خُفِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ» ثُمَّ الْمَسْحُ عَلَى الظَّاهِرِ حَتْمٌ حَتَّى لا يَجُوزَ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ وَعَقِبِهِ وَسَاقِهِ لأنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ فَيُرَاعَى فِيهِ جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَالْبُدَاءَةُ مِنْ الْأَصَابِعِ اسْتِحْبَابٌ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ (وَفَرْضُ ذَلِكَ مِقْدَارُ ثَلاثِ أَصَابِعِ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ) وَقَالَ الْكَرْخِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اعْتِبَارًا لِآلَةِ الْمَسْحِ.

قوله -رحمه الله-: ([والمسح] (١) على ظاهرهما خطوطًا بالأصابع) ففي قوله: على ظاهرهما احتراز عن قول الشافعي -رحمه الله-[سنة] (٢) ثم وفي قوله: «خطوطًا» احتراز عن قول عطاء.

قال الإمام السرخسي -رحمه الله- في «المبسوط»: «فإن مسح باطن الخف دون ظاهره لم يجز فإن موضع المسح ظهر القدم لما روي من حديث المغيرة -رضي الله عنه- (٣).

وقال الشافعي (٤): المسح على ظاهر الخف فرض وعلى باطنه سنة (٥).

[ولنا] (٦): حديث علي-رضي الله عنه-أيضًا قال: «لوكان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره، ولكني رأيت رسول الله-عليه السلام-يمسح على ظاهر الخفين دون باطنهما» (٧)، ولأن باطن الخف لا يخلو عن لوث عادةً فيصيب يده ذلك اللوث وفيه بعض الحرج والمسح مشروع لدفع الحرج.

وقال فيه أيضًا: ومسح الخف مرة واحدة.

وقال عطاء: ثلاثًا كالغسل.

ولنا: حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: «كأني أنظر إلى أثر المسح على ظهر خف رسول الله-عليه السلام- خطوطًا بالأصابع» (٨)، وإنما تبقى الخطوط إذا لم تمسح إلا مرة واحدة؛ ولأن في كثرة إصابة البلة إفساد الخف، وفيه حرج فيكتفى فيه بالمرة.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب). مذهب الشافعية: أن استيعاب مسح الخف أعلاه وأسفله، ليس بسنة على الأصح. انظر: روضة الطالبين (١/ ١٣٠)، اسنى المطالب في شرح روض الطالب (١/ ٩٧)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (١/ ٧٦).
(٣) عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: كنْتُ مَعَ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في سَفَر، فأهْويْت لأنزع خُفّيه، فقال: «دَعْهُمَا، فإني أدخَلتُهمَا طَاهِرتَين» فمسح عليهما.
رواه البخاري في صحيحه (١/ ٥٢) حديث (٢٠٦) -٤ كِتَاب الْوُضُوءِ-باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان-.
(٤) قال الشافعي: أخبرنا ابن أبي يحيى عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسَح أعْلَى الخُفِّ وأسْفله» واحتج بأثر ابن عمر -رضي الله عنهما- (أنه كَان يمسَحُ أعْلَى الخُفّ وأسْفَله). قال الماوردي: وهذا صحيح. الحاوي الكبير (١/ ٣٦٩) باب كيف المسح على الخفين، مختصر المزني (٨/ ١٠٢).
(٥) المبسوط للسرخسي (١/ ١٠١) باب المسح على الخفين.
(٦) في (ب): «وأما».
(٧) أخرجه أبو داود في سننه (١/ ١١٤) برقم (١٦٢) - ٦٣ بَاب كَيْفَ الْمَسْحُ-، وقال الحافظ في "التلخيص " (٢/ ٣٩٢) - بعد أن عزاه للمصنف-: " وإسناده صحيح " وهذا الحديث صححه الألباني في الإرواء (١/ ١٤٠) برقم (١٠٣).
(٨) الحديث رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٢١٤) كتاب الطهارات باب من كان لا يرى المسح برقم (١٤) بإسناده عن المغيرة بن شعبة، قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَالَ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْآيْمَنْ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْآيْسَرِ، ثُمَّ مَسَحَ أَعْلَاهُمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً، حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْخُفَّيْنِ». ويقرب منه ما رواه ابن ماجة في سننه (١/ ١٨٣) برقم (٥٥١) عن جابر -رضي الله عنه- قال: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِرَجُلٍ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ خُفَّيْهِ فَقَالَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ دَفَعَهُ «إِنَّمَا أُمِرْتَ بِالْمَسْحِ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ هَكَذَا مِنْ أَطْرَافِ الأَصَابِعِ إِلَى أَصْلِ السَّاقِ وَخَطَّطَ بِالأَصَابِعِ» وهذا الحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة برقم (١٢) وقال: ضعيف جدًا.