للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «فتاوى قاضي خان -رحمه الله-»: «وصورة المسح على الخفين أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن ويضع أصابع يده اليسرى على مقدم [خفه] (١) الأيسر ويمدهما إلى الساق فوق الكعبين ويفرج بين أصابعه، وإن بدأ من أصل الساق ومد إلى الأصابع جاز» (٢).

[وقوله] (٣): خطوطًا نصب على الحال أي: مخططًا.

(وَلا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ فِيهِ خَرْقٌ كَبِيرٌ يُبَيِّنُ مِنْهُ قَدْرَ ثَلاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ جَازَ)

قوله: (ولا يجوز المسح على خف فيه خرق (٤) [كثير] (٥) روي بالثاء المنقوطة بالثلاث الفوقية وبالباء المنقوطة بالواحدة التحتية، ولكن قوله فيما بعده: وإن كان أقل من ذلك جاز ينبئك على أن الرواية هي الأولى إذ لو كانت الرواية الثانية [لقيل] (٦): وإن كان أصغر من ذلك جاز (٧)، ثم ها هنا مذاهب أربعة عندنا بالفصل بين الخرق القليل والكثير وهو استحسان.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لا يَجُوزُ وَإِنْ قَلَّ لأنَّهُ لَمَّا وَجَبَ غَسْلُ الْبَادِي وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي. وَلَنَا أَنَّ الْخِفَافَ لا تَخْلُو عَنْ قَلِيلِ خَرْقٍ عَادَةً فَيَلْحَقُهُمْ الْحَرَجُ فِي النَّزْعِ وَتَخْلُو عَنْ الْكَبِيرِ فَلا حَرَجَ، وَالْكَبِيرُ أَنْ يَنْكَشِفَ قَدْرُ ثَلاثَةِ أَصَابِعِ مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ أَصْغَرُهَا هُوَ الصَّحِيحُ لأنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَدَمِ هُوَ الْأَصَابِعُ وَالثَّلاثُ أَكْثَرُهَا فَيُقَامُ مَقَامَ الْكُلِّ، وَاعْتِبَارُ الْأَصْغَرِ لِلِاحْتِيَاطِ وَلا مُعْتَبَرَ بِدُخُولِ الْأَنَامِلِ إذَا كَانَ لا يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ، وَيُعْتَبَرُ هَذَا الْمِقْدَارُ فِي كُلِّ خُفٍّ عَلَى حِدَةٍ فَيُجْمَعُ الْخَرْقُ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ وَلا يُجْمَعُ فِي خُفَّيْنِ لأنَّ الْخَرْقَ فِي أَحَدِهِمَا لا يَمْنَعُ قَطْعَ السَّفَرِ بِالْآخِرِ، بِخِلافِ النَّجَاسَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ لأنَّهُ حَامِلٌ لِلْكُلِّ وَانْكِشَافُ الْعَوْرَةِ نَظِيرُ النَّجَاسَةِ.

وقال زفر والشافعي (٨): قليله وكثيره سواء في منع جواز المسح بعد أن يرى شيء من [الرجل] (٩) وهو قياس.

وقال سفيان الثوري بمقابلته قليلة وكثيرة سوءا لا يمنع جواز المسح بعد أن ينطلق عليه اسم الخف؛ لأن الخف جعل مانعًا سريان الحدث إلى القدمين، فما دام ينطلق عليه اسم الخف يمنع سريان الحدث.


(١) في (أ): «خفيه» والتصويب من (ب).
(٢) فتاوى قاضي خان (١/ ٤٨) فصل في المسح على الخفين.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) الخَرق: -بالفتح-: المصدر، و-بالضم-: الاسم، قال ابن عابدين (٢/ ٢٠٩) «الخُرق: -بضم الخاء-: الموضع، ولا يصح هنا الفتح لأنه مصدر، ولا يلائمه الوصف بالكبير، ثم المراد به: ما كان تحت الكعب، فالخرق فوقه لا يمنع» أ. هـ.
(٥) في (أ): «كبير».
(٦) في (ب): «لكان قال».
(٧) أي: إذا كان الخرق صغيرًا جاز المسح على الخف.
(٨) مذهب الشافعية: في جواز المسح على الخف المخروق قولان: القديم: جواز المسح ما الم يتفاحش الخرق، بأن لا يتماسك في الرجل، ولا يتأتى المشي عليه، وقيل التفاحش: أن يبطل اسم الخف. والجديد الأظهر: لا يجوز المسح إذا ظهر شيء من محل الفرض وإن قلّ. انظر: الوسيط في المذهب (١/ ٣٩٨)، روضة الطالبين (١/ ١٢٥)، المجموع (١/ ٤٩٥ - ٤٩٧)، حلية الأولياء (١/ ١٣٣ - ١٣٤).
(٩) في (ب): «النظر».