للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ إنما وضع المسألة في دعوى الخارجين؛ لأنّه لو كانت الدار في أيديهما وهي المسألة الثانية ودعواهما هكذا، و أقاما البينة فالدار كلها لمدّعي الجميع فوجه ذلك هو أنّ دعوى كل واحد منهما منصرفة إلى ما في يده أولاً؛ لتكون يده يدًا محقة في حقه؛ وهذا لأن حمل أمور المسلمين على الصحة واجب فصاحب النصف لا يدّعي شيئًا مما في يد صاحب الجميع وصاحب الجميع يدعي شيئاً مما في يد صاحب النصف فعليه إثباته بالبينة، وإن أقاما البينة فالدّار كلها لصاحب الجميع لأنّه اجتمع بينة الخارج وبينة ذي اليد فيما [في يد] (١) صاحب النصف، فبيّنة الخارج أولى بالقبول وإن أشكل ذلك كانت بينهما هذا الذي ذكره من الجواب في الخارجين، أمّا إذا كانت الدَّعْوَى بين الخارج وذي اليد في النِّتاج وأقاما البينة ووقت البينتان في الدّابة وقتين فإن كانت الدّابة على وقت بينة المدّعي قضيت بها له؛ لأن علامة الصدق ظهرت في شهادة شهوده وعلامة الكذب ظهرت في شهادة شهود ذي اليد.

وأمّا إذا كانت البينة على وقت بينة ذي اليد أو كانت مشكلة قضيت بها لذي اليد إما لظهور علامة صدق في شهوده أو سقوط اعتبار التوقيت إذا كانت مشكلة كذا في المَبْسُوط (٢) ولم يذكر فيه ما إذا كانت سن الدابة بين الوقتين اللذين ذكرهما بينتا الخارج وذي اليد.

وذكر في الذَّخِيرَةِ (٣) في ذلك عامة المشايخ على أنّها تهاتر البينتان وتترك الدّابة في يد صاحب اليد.

(وإن خالف سن الدابة الوقتين) أي: في دعوى الخارجين (بطلت البينتان كذا ذكره الحاكم) (٤) (٥) هكذا ذكر الجواب في الْإِيضَاحِ (٦).

وذكر في المَبْسُوط (٧) من مشايخنا من أجاب بهذا بأنّه إذا كان سنها على غير الوقتين يُعلم ذلك يبطل البينتان.

ثُمَّ قال والأصحّ ما قاله مُحَمَّد -رحمه الله- (٨) من الجواب: وهو أن تكون الدّابة بينهما في الفصلين يعني فيما إذا كانت سن الدابة مشكلة، وفيما إذا كانت على غير الوقتين في دعوى الخارجين، أما إذا كانت مشكلة فلاشك فيه وكذلك إن كانت على غير الوقتين؛ لأنّ اعتبار ذكر الوقت لحقهما وفي هذا الموضع في اعتباره إبطال حقهما فيسقط اعتبار ذكر الوقت أصلاً وينظر إلى مقصودهما وهو إثبات الملك في الدّابة وقد استويا في ذلك فوجب القضاء به بينهما نصفين.


(١) في (ج) (يدعي).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٢٢).
(٣) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١٠/ ١٣٠)
(٤) الحاكم الشهيد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد بن عبدالله، أبو الفضل السلمي المروزي الحنفي، كان يحفظ الفقهيات، ويتكلم على الحديث، (ت ٣٣٤ هـ)، وكتابه: الكافي. يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ١١٢).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٣).
(٦) يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (١/ ٣٦٨).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٢٢).
(٨) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٨/ ٢٧).