للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من منزلي قال أبو حنيفة (١) رحمه الله: القول قول ربّ الدار. ولا يصدق الداخل في شيء ما خلا ثيابه التي عليه إن كانت الثياب مما يلبسه، وقال أبو يوسف رحمه الله: إن كان الداخل رجلًا يعرف بصناعة شيء من الأشياء، بأن كان حمالًا يحمل الزيت فدخل على رقبته زِقّ (٢) زيت أو كان ممن يبيع ويطوف بالمتاع (٣) في الأسواق فالقول قوله ولا أصدِّق قولَ ربّ الدار عليه. وأثبت في هذه المسائل أن صاحب اليد إنما تعتبر (٤) يده وإن كانت في المنقولات عند دلالة الدليل على أن ذلك الشيء له عادة وإلا فلا.

(لأن الزيادة من جنس الحجة): لأن كل واحد منهما مستمسك باليد إلا أن أحدهما أكثر استمساكًا فلا يوجب ذلك الرجحان كما لو تنازعا في دابّة ولأحدهما عليه خمسون مَنٍّ (٥)، وللآخر مائة مَنٍّ كانت بينهما نصفين، ولا يعتبر التفاوت بالقلة والكثرة، كما لو أقام


(١) هو: النعمان بن ثابت، التيمي بالولاء، الكوفي، إمام الحنفية، الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. ولد ونشأ بالكوفة .. قال الإمام مالك، يصفه: رأيت رجلا لو كلمته في السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته! وعن الإمام الشافعيّ: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة. له: المسند في الحديث، جمعه تلاميذه، والمخارج في الفقه، صغير، رواه عنه تلميذه أبو يوسف. توفي ببغداد سنة (١٥٠ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضيئة ١/ ٢٦.
(٢) الزِّق: السقاء، والزِّق من الأهب: كل وعاء اتخذ لشراب ونحوه. يُنْظَر: لسان العرب لابن منظوره ١٠/ ١٤٣.
(٣) الْمَتَاع: التَّمَتُّع وكل مَا ينْتَفع بِهِ ويرغب فِي اقتنائه كالطّعام وأثاث الْبَيْت والسلعة والأداة وَالْمَال. يُنْظَر: المعجم الوسيط (٢/ ٨٥٢)، لسان العرب (٨/ ٣٣٣).
(٤) في (أ) و (ب): يعتبر. والصواب: ما أثبته.
(٥) المنُّ: جمع أمنان، ويقال له المنا الذي يكال به السمن وغيره وقيل الذي يوزن به رطلان. يُنْظَر: لسان العرب ١٣/ ٤١٥، معجم لغة الفقهاء ١/ ٤٦٠، المصباح المنير ٢/ ٥٨٢.