للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشتري؛ لأن الولد قد استغنى عن النسب حين (١) ثبت نسبه من المشتري؛ ولأنه ثبت فيه ما لا يحتمل الإبطال وهو حقيقة النسب فيبطل به حق استلحاق النسب الذي كان للبائع ضرورة، فإن ادعياه معا ثبت النسب من البائع عندنا، وقال إبراهيم النخعي (٢) رحمه الله: يثبت من المشتري؛ لأن للمشتري حقيقة الملك فيها وفي ولدها، وللبائع حق والحق لا يعارض الحقيقة، كما لو جاءت جارية رجل بولد فادعاه هو وأبوه معًا ثبت النسب من المولى؛ لأن له حقيقة الملك فيها وللأب حق فيسقط اعتبار الحق بمقابلة الحقيقة. ولنا أن دعوة البائع دعوة استيلاد؛ لأن أصل العلوق في ملكه، ودعوة المشتري دعوة تحرير. فإن أصل العلوق لم يكن في ملكه ولا تعارض بين دعوة التحرير ودعوة الاستيلاد. كما لا تعارض بين نفس الإعتاق ودعوة الاستيلاد لمعنى وهو أن دعوة الاستيلاد لا تقتصر (٣) على الحال فدعوة البائع سابقة معنى فكأنها سبقت صورة بخلاف دعوة المولى مع أبيه، فإنّ شرط صحة دعوة الأب بملك الجارية من وقت العلوق إذ ليس في مال ولده حق ملك ولا حقيقة ملك، واقتران دعوة المولى بدعوة الأب يمنع تحصيل هذا الشرط، فلهذا أثبتنا النسب من المولى دون أبيه. كذا في المبسوط (٤) والجامع الصغير لقاضي خان وهذه دعوة الاستيلاد احتراز عن دعوة التحرير، يعني لما كانت هذه الدعوة دعوة استيلاد لم تفتقر إلى حقيقة الملك لصحة الدعوة في الحال بخلاف دعوة التحرير على ما يجيء، وتحمل على الاستيلاد بالنكاح حملًا لأمره على الصحة، ولا يعتق الولد. كذا ذكره


(١) في (أ): حتى.
(٢) هو: إبراهيم بن زيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران النخعي، من مذحج اليمن من أهل الكوفة، ومن كبار التابعين، أدرك بعض متأخري الصحابة، ومن كبار الفقهاء، قال عنه الصفدي: فقيه العراق، أخذ عنه حماد بن أبي سليمان وسماك بن حرب وغيرهما. يُنْظَر: تذكرة الحفاظ ١/ ٥٩، طبقات ابن سعد (٦/ ١٨٨ - ١٩٩).
(٣) في (أ): يقتضي، وفي (ب): يقتص، والصواب: ما أثبته، وهو موافق لما في المبسوط: ١٧/ ١٠٢.
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٧/ ١٠٢.