للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القبطية (١) حين ولدت إبراهيم - رضي الله عنه - من رسول اللّه عليه السلام وقوله: "أعتقها ولدها" حيث جعل الولد أصلًا لثبوت حق العتق في الأم فعرفنا أن الولد هو المقصود بالدعوة والأم تابعة فيها؛ فلذلك قلنا: متى جرى في الولد من المشتري ما يمنع دعوة البائع لم تصح دعوة البائع أصلًا؛ لقيام المانع في الولد وذلك مانع في الأم؛ لأن الحق في الأم ثبت تبعا بخلاف العكس على ما ذكر في الكتاب وإليه أشار الإمام المحبوبي (٢).

(وقد أعتق المشتري الأم فهو ابنه يرد عليه بحصته من الثمن): يعني: فهو ابن البائع فيقسم الثمن (٣) على قيمة الولد وعلى قيمة الأم فما أصاب الأم يلزم المشتري وما أصاب الولد سقط عنه ولا تصير الجارية أم ولد للبائع، لأنه ثبت فيها للمشتري ما لا يحتمل الإبطال وهو: الولاء كذلك الحكم فيما إذا دبرها أو استولدها كذا ذكره الإمام التمرتاشي (٤) رحمه اللّه. فإن قلت: كان ينبغي أن يبطل البيع ويبطل إعتاق المشتري؛ لأن نسب الولد قد ثبت بدعوة البائع لكون العلوق في ملكه بيقين، لأن الكلام فيما إذا حبلت الجارية في ملك البائع ثم من حكم


(١) هي: مارية بنت شمعون القبطية، أمّ إبراهيم: من سراري النبي - صلى الله عليه وسلم -. مصرية الأصل، بيضاء. ولدت في قرية "حفن" من كورة "أنصنا" بمصر، وأهداها المقوقس القبطي (صاحب الإسكندرية ومصر) سنة ٧ هـ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هي وأخت لها تدعى "سيرين" فولدت له "إبراهيم" فقال: أعتقها ولدها وماتت في خلافة عمر ودفنت بالبقيع سنة ١٦ هـ.
يُنْظَر: الأعلام للزكلي ٥/ ٢٥٥، سير أعلام النبلاء ٢/ ٩٣.
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية ٣/ ١٧٤.
(٣) يوجد على الهامش في (أ) حاشية بخط مختلف فيها: بيانه إذا باع جارية قيمتها (ثلاثون) دينارًا … فولدت ولدا قيمته عشرة دنانير يقسم الثمن على أربعين لما أصاب الولد وهو سبعة دنانير (ونصف) يرد على المشتري وما أصاب الجارية وهو اثنان وعشرون ونصف سقط عن الباب. كذا في "المستصفى".
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية ٩/ ٤١٦.