للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين فإن الإبراء يرتد بالرد حال ابتداء الإبراء أما لو سكت المديون يصح الإبراء من غير قبول. فبعد ذلك لو رده لا يرتد، ونظير هذا أيضًا الأمر بيد المرأة مطلقًا فإنه يرتد بالرد عند التفويض. أما بعد ذلك فلا يرتد بالرد. وذكر صاحب المحيط (١) في مسألة الأمر باليد (٢): فنظير هذا الإقرار فإن الإقرار يرتد بالرد قبل التصديق وبعده لا، وأما إذا كان الأمر باليد معلقًا فلا يرتد بالرد أصلًا، لا حالة التفويض ولا بعدها، كذا في الفصول (٣) للإمام الأستروشني (٤)، أو لأن الإقرار متى بطل بتكذيب المقر له بني من المولى مجرد النفي فصار كأنه نفاه ثم ادعاه وهناك تصح دعوته كذا هنا. فإنه لو قال لأحد: ليس هو (٥) بابني. ثم قال: هو ابني. تصح دعوته لنفسه (٦) وهو: أنه بقوله هذا ليس بابني ينكر أن يكون للابن عليه حقوق مالية، وبقوله هو ابني؛ أقرَّ للابن علي نفسه بالحقوق المالية والإقرار بالحقوق على نفسه بعد إنكارها صحيح، كذا في الذخيرة والجامع الصغير للإمام المحبوبي (٧) فكذبه البائع ثم قال: أي: المشتري أنه أعتقه يتحول الولاء إليه أي: إلى المشتري فصار كأنه لم يقر أصلًا.

(ولأبي حنيفة رحمه اللّه: أن النسب مما لا يحتمل النقض بعد ثبوته): ولا يبطل بالرد


(١) في (أ): المبسوط. ثم ذكر في الهامش المحيط.
(٢) يُنْظَر: المحبط البرهاني ٣/ ٣٤٠.
(٣) يُنْظَر: البحر الرائق ٣/ ٣٤٧.
(٤) هو "الفصول" في المعاملات: لمحَمَّد بن محمود بن حسين أبو الفتح، مجد الدين الأسروشني، وقيل: الأستروشني نسبة إلى "أسروشنة"، وهي بلدة في شرقي سمرقند، فقيه حنفي، أخذ عن أبيه، وعن صاحب الهِدَايَة، وعن السيد ناصر الدين السمرقندي، وظهير الدين مُحَمَّد بن أحمد الْبُخَارِي وغيرهم. من تصانيفه: "الفتاوى"، و"قرة العينين في إصلاح الدارين". يُنْظَر: الفَوَائِد البهية: ص ٢٠٠، معجم المؤلفين: ١١/ ٣١٧.
(٥) ساقطة من (ب).
(٦) في (أ) و (ب): لفقه. والصحيح ما أثبته. من المحيط البرهاني: ٩/ ٣١٣.
(٧) يُنْظَر: البناية شرح الهداية ٩/ ٤٢٢.