للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فقال النصراني: هو ابني وقال المسلم: هو عبدي): وقال في الفوائد الظهيرية (١) وغيرها: (هو ابن النصراني) إذا كانت الدعوتان معًا وكان في قوله معًا إشارة إلى أن دعوى المسلم لو سبقت على دعوى النصراني بالبنوة يكون عبدًا للمسلم؛ (لأن الإسلام مرجِح) بكسر الجيم على صيغة اسم (٢) الفاعل.

(فيستدعي تعارضًا ولا تعارض): أي: ههنا يعني أن الإسلام مرجح أينما كان، وعمل الترجيح إنما يكون بعد وجود المعارضة، والمعارضة إنما تكون عند وجود المساواة ولا مساواة بين الرقيّة والحرّية فيما يرجع إلى منفعة الصبي؛ لأن منفعة الحرّية له أكثر؛ لأنه يمكنه أن يكتسب الإسلام بنفسه ولا يمكنه اكتساب الحرية بنفسه، فلما لم تكن المساواة لم تكن المعارضة لأن شرط المعارضة المساواة في القوة. ولما لم تكن المعارضة بينهما لم يحتج إلى الترجيح بالإسلام بخلاف ما إذا ادعيا نسبًا فإنهما لما تعارضا في دعوة النسب رجحا جانب السلم بالإسلام فجعلنا ابن المسلم لا ابن النصراني لوجود أوان الترجيح.

فقال: (ولو كانت دعوتهما دعوة البنوة فالمسلم أولى): (ترجيحًا للإسلام).

فإن قلت: شكل على هذا ما ذكره الإمام المحبوبي في الجامع الصغير (٣) في تقرير هذه المسألة (٤) أن غلامًا نصرانيًا قد احتلم لو ادعى على رجل نصراني وامرأة أنه ابنهما وادعاه مسلم ومسلمة أنه ابنهما وأقام كل واحد في الطرفين ببينة فبينة الغلام أولى ولم يترجح بينة المسلمين بإسلامهما بعد وجود المساواة بين الدعويين في دعوى النسب فعلم بهذا أن ما ذكره في


(١) يُنْظَر: البناية ٩/ ٤٢٢.
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) الجامع الصغير: لجمال الدين عبيد اللّه بن إبراهيم المحبوبي شرح فيه الجامِع الصَّغِير للشيباني فِي الْفُرُوع. يُنْظَر: هدية العارفين (١/ ٦٤٩).
(٤) يُنْظَر: المحيط البرهاني ٩/ ٣٢٢.