للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدية قدر قيمة المقتول قضى عليه بالقيمة للمستحق؛ لأن المنع تحقق بوصول يده إلى البدل، فيكون منعه قدر قيمة الولد كمنعه الولد. فإن كان للولد ولد تحرز ديته وميراثه مع الأب، فخرج من الدية مثل القيمة أو دونها قضيت على العبد بمثل ذلك؛ لتحقق المنع في البدل ولا يقضى به في الدية ولا في تركة الابن؛ لأن هذا الضمان مستحق على الأب لمنعه الولد بالحرية؛ وإنما تقضى من تركة الابن ما يكون دينًا على الابن، وإن كان الأب ميتًا قضى به في تركته؛ لأنه دين على الأب فيستوفى من تركته.

(ويرجع بقيمة الولد على بائعه): (كما يرجع بثمنه): يعني: يرجع أبو الولد على البائع بالثمن، وبقيمة الولد؛ لأن المبيع لم يسلم وبعقد المعاوضة استحق سلامتها سليمة عن العيب ولا عيب فوق الاستحقاق فيكون له أن يرجع بما يغرم بهذا السبب على البائع ولا يرجع عليه بالعقد (١) عندنا. وعند الشافعي رحمه اللّه يرجع عليه بالعقد كما يرجع عليه بقيمة الولد؛ لأنه ضمان لزمه بسبب قوة السلامة المستحقة له بالعقد. ولكنا نقول: إنما لزمه العقد عوضًا عما استوفي من منافع البضع فلو رجع به سلم المستوفى له مجانًا والوطء في ملك الغير لا يجوز أن يسلم للواطئ مجانًا ولا يرجع على الواهب والمتصدق والموصي بشيء من قيمة الأولاد عندنا، وعند الشافعي رحمه اللّه يرجع به؛ لأن الغرور قد تحقق منه بإيجابه الملك في المحل وإخباره أنها مملوكته سواء كان بعوض أو بغير عوض. ولكنا نقول: مجرد الغرور لا يكفي لإثبات حق الرجوع فإن من أخبر إنسانًا أن هذا الطريق آمن فسلك فيه وأخذ (٢) اللصوص متاعه لم يرجع على المخبر بشيء ثبوت حق الرجوع باعتبار عقد المعاوضة؛ لأن صفة السلامة به تصير مستحقة فأما بعقد التبرع فلا تصير صفة السلامة مستحقة ولهذا لا يثبت له فيه حق الرد


(١) في (ب): بالعقد عليه.
(٢) في (ب): فأخذ.