للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربما تحمله النفس الأمارة بالسوء على الإخبار به كاذبًا وفي حق نفسه النفس الأمارة بالسوء لا تحمله على الإقرار بالكذب؛ بل ربما تمنعه من الإقرار بالصدق فلظهور دليل الصدق فيما يقر به على نفسه جعل إقراره حجة عليه، إلى هذا أشار في المبسوط (١) وغيره.

(لوقوعه دلالة): أي: على وجود المخبر به وتلك المرأة باعترافها وهي الغامدية، امرأة من غامد حي من الأزد.

وقوله: (لأن إقراره عُهد موجبًا تعلق الدين) متصل بقوله: (لا يصح إقراره بالمال؛ لأنه مسلّط عليه من جهته): أي: مسلّط على الإقرار من جهة المولى فإن قلت: لا نسلم بأن العبد المأذون مسلط على الإقرار من جهة المولى فإنه مسلط من جهته على التجارة والإقرار بالمال غير التجارة؛ لأنه إزالة المال بلا عوض فلا يكون تجارة ولما لم يكن تجارة ينبغي أن لا يصح إقراره بالمال كما لا يصح إقراره بالمهر (٢) والكفالة (٣) وقتل الخطأ وقطع يد رجل عمدًا أو خطأً؛ لأنها ليست بتجارة قلت: نعم، كذلك إلا أنه لا بد للتجارة منه؛ لأن التاجر بالتجارة يلتزم حقوق الناس، فلا بد أن يصح إقراره بما التزم للناس حتى لا يضيع حقوق الناس ويخرج هو عما التزم بالتجارة؛ ولأنه متى لم يصح إقراره انحسم عليه التجارة لأن الناس لا يبايعونه إذا علموا (٤) أن إقراره لا يصح إذ لا يتهيأ لهم الإشهاد في كل تجارة يديرونها بينهم وإذا لم يكن للتاجر بد من الإقرار صار الإقرار بالمال من التجارة، فكذلك دخل تحت الإذن بالتجارة، والحاصل أن دين التجارة صار ملحقًا بالتجارة من حيث، أنه لا بد للتجارة منه ولا كذلك ما


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٧/ ١٨٥.
(٢) الْمَهْرُ: صَدَاقُ الْمَرْأَةِ، المصباح المنير. يُنْظَر: (٢/ ٥٨٢).
(٣) الْكَفَالَةُ: ضَمُّ ذِمَّةٍ فِي الْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ. يُنْظَر: طلبة الطلبة (ص: ١٣٩).
(٤) في (أ): عملوا.