للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبسوط (١)، رجل قال غصبت من فلان شيئًا فالإقرار صحيح ويلزمه به ما يبيّنه ولا بد من أن يبين شيئًا (٢) هو مال؛ لأن الشيء (٣) حقيقته اسم لما هو موجود مالًا كان أو غير مال؛ إلا أن لفظ الغصب دليل على المالية فيه فالغصب لا يرد إلا على ما هو مال وما ثبت بدلالة اللفظ فهو كالملفوظ كقوله اشتريت من فلان شيئًا يكون إقرارا بشراء ما هو مال؛ لأن الشراء لا يتحقق إلا فيه ولا بد من أن يبين مالًا يجري فيه التمانع بين الناس حتى لو فسره بحبة حنطة (٤) لا يقبل ذلك منه؛ لأن إقراره بالغصب دليل على أنه كان ممنوعًا من جهة صاحبه حتى غلب عليه فغصبه وهذا مما يجري فيه التمانع فإذا بين شيئًا بهذه الصفة قبل بيانه؛ لأن هذا بيان مقرر لأصل كلامه وبيان التقرير صحيح موصولًا كان أو مفصولًا، ثم إن ساعده المقر له على ما يبينه أخذه، وإن ادعى غيره فالقول قول المقر مع يمينه؛ لأنه خرج عن موجب إقراره بما بين فإذا كذبه المقر له فيه صار رادًّا لإقراره ينفي دعواه شيئًا آخر عليه وهو لذلك منكر (فالقول قوله مع يمينه)، ويستوي أن يبين شيئًا يضمن بالغصب أو لا يضمن بعد أن يكون بحيث يجري فيه التمانع حتى إذا بين أن المغصوب خمر فالقول قوله وكذلك إن بين أن المغصوب دار فالقول قوله وإن كانت لا تضمن بالغصب عند أبي حنيفة (٥) رحمه الله واختلف المشايخ فيما إذا بين أن المغصوب زوجته أو ولده فمنهم من يقول: بيانه مقبول؛ لأنه موافق لمبهم كلامه فإن لفظ الغصب يطلق على الزوج والولد عادة والتمانع فيه يجري بين الناس أكثر مما يجري في الأموال وأكثرهم على أنه لا يقبل بيانه بهذا؛ لأن حكم الغصب لا يتحقق إلا فيما هو مال، فبيانه بما


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٧/ ١٨٥.
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) ساقطة من (أ).
(٤) الحنطة: القمح. يُنْظَر: المعجم الوسيط (١/ ٢٠٢).
(٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ٣/ ١٧٨.