للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس بمال يكون إنكارًا لحكم الغصب بعد إقراره بسببه وذلك غير صحيح منه وفرق بين هذا وبين الخلع؛ فإن من خالع امرأته على ما في بيتها من شيء فإذا ليس في البيت شيء كان الخلع مجانًا ولم يجعل تسميته الشيء فيه دليلًا على المالية بخلاف تسمية المتاع؛ لأن الخلع من أسباب الفرقة والفرقة قد تكون بغير بدل في العادة فلا يكون فيما صرح به دليل على الماليّة في الشيء المذكور فأما الغصب: فلا يطلق في العادة إلا فيما هو مال ولا يثبت حكمه شرعًا إلا فيما هو مال، فالتنصيص عليه دليل على المالية في الشيء المذكور والعصير قبل التخمر كان مالًا فسد تقومه بالتخمر شرعًا وصار المسلم ممنوعًا من تمولها من غير انعدام أصل المالية فيها ألا ترى أنها بالتحلل تصير مالًا متقومًا وهو ذلك العين، فلهذا صح بيانه؛ ثم الخمر محل لحكم الغصب، ولهذا كان غاصب الخمر من الذميّ (١) ضامنًا، فلهذا قبل بيانه.

(وكذا إذا قال لفلان: عليَّ حق): أي: لزمه أن يبين ماله قيمة لأن هذا معطوف على قوله فإن قال لفلان: عليَّ شيء لزمه أن يبين ما له قيمة.

وقوله: (لما بينا) إشارة إلى قوله؛ لأنه أخبر عن الوجوب إلى آخره.

(إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم): لأن ما دون الدرهم من الكسور لا يطلق اسم المال عليه عادة كذا في المبسوط (٢)، وفيه أيضًا: (ولو قال له: عليَّ مال عظيم) من الدراهم فعليه ما يجب فيه الزكاة في قول أبي يوسف ومحمد (٣) رحمهما الله.

(وهو مائتا درهم): على قياس مذهبهما عند الوصف بالكثرة، ولم يذكر قول أبي حنيفة رحمه الله ههنا، وقيل مذهبه في هذا الفصل كمذهبهما؛ لأنه في الفصل الأول أي:


(١) الذِّمِّيّ: الْمعَاهد الَّذِي أُعْطِي عهدا يَأْمَن بِهِ على مَاله وَعرضه وَدينه. يُنْظَر: المعجم الوسيط ١/ ٣١٥.
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٨/ ٩٩.
(٣) يُنْظَر: الفتاوى الهندية ٤/ ١٧٤.