للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولأبي حنيفة رحمه الله أن هذا رجوع؛ لأن مطلق (١) العقد يقتضي السلامة عن العيب) لأن البيع موجبه سلامة البدن المستحق به عن العيب فيصير دعوى الزيافة من المشتري دعوى أمر عارض يخالف موجب العقد فلا يصح كما لو ادعى البائع البراءة (٢) عن عيب المبيع وأنكر المشتري دعواه البراءة (٣) عن موجب البيع فلا يصدق كما إذا قال: بعت هذه الجارية على أنها معيبة (٤) وأنكر المشتري شرط العيب؛ فإن القول قول المشتري كذا في الإسرار (٥) وغيره. وحاصل اختلافهم راجع إلى أن الدراهم الزيوف هل هي داخلة في اسم الدراهم المطلق أم لا؟ فأبو حنيفة رحمه الله رجح جانب العيب (٦) فيها فلم يدخلها تحت مطلق اسم الدراهم حتى كان دعوى الزيافة رجوعًا عما أقرَّ أولًا بمطلق الدراهم، وهما أدخلاها تحت مطلق اسم الدراهم على سبيل التوقف حتى كان دعوى الزيافة بعد ذكر اسم الدراهم بيان تغيير كما في الشرط والاستثناء.

(بخلاف الجودة): أي: بخلاف ما إذا قال إلا أنها زيوف فإن في قوله إلا أنها زيوف


(١) في (أ): (مطلق المجاز بيان).
(٢) في (ب): البراة.
(٣) في (ب): البراة.
(٤) في (أ): معيَّنة.
(٥) كتاب الْأَسْرَارِ: لعبد الله بن عمر بن عيسى أبو زيد الدبوسي الحنفي، ينسب إلى دبوسية، وهي قرية بين بخارى وسمرقند، كان من أكابر فقهاء الحنفية، ويضرب به المثل في النظر واستخراج الحجج، برع في علم أصول الفقه، له عدة مؤلفات منها هذا الْكِتَاب الْأَسْرَارِ وهو كبير جدًّا حقق منه كتاب المناسك في مصر وبقي الجزء الباقي منه مفقودًا (٤٣٠ هـ). يُنْظَر: كشف الظنون ١/ ٨١، تاج التراجم (ص: ١٩٢).
(٦) في (أ): الغيب.