كتاب النهاية في شرح الهداية - السغناقي

باب إقرار المريض - إقرار المريض لوارث - ج: 18 - ص: 123

أباه ألف درهم في حال صحة الأب أو مرضه بمعاينة الشهود فلما حضرته الوفاة قال: استهلكتها ثم مات؛ وأنكر ذلك سائر الورثة. فإن إقرار المريض جائز والألف من تركته للابن المقر له خاصة؛ لأن تصرف المريض إنما يرد للتهمة لا لخلل فيه ولا تهمة في هذا ألا يرى: أنه (١) إذا كذبناه فمات وجب الضمان أيضًا في تركته، لأنه مات مجهلًا. وفي المبسوط (٢) وحجتنا في ذلك قوله عليه السلام: "ألا لا وصية لوارث ولا الإقرار بالدين" (٣) إلى أن هذه الزيادة شاذة غير

---

(١) في (ب): أنا.
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٨/ ٢٤.
(٣) هذا الحديث روي عن عدد من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم: أبو أمامة، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس وغيرهم.
حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -: أخرجه أبو داود (٣/ ٢٩٠)، كتاب الوصايا: باب الوصية للوارث، ح: (٢٨٧٠)، والترمذي (٤/ ٤٣٣)، كتاب الوصايا: باب لا وصية لوارث ح: (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢/ ٩٠٥)، كتاب الوصايا: باب لا وصية لوارث،، ح: (٢٧١٣)، من طريق إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع: "إن الله تبارك وتعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث".
وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
حديث أنس - رضي الله عنه -: أخرجه ابن ماجه (٢/ ٩٠٦)، كتاب الوصايا: باب لا وصية لوارث، ح (٢٧١٤)، والدارقطني (٧٠/ ٤)، كتاب الفرائض، ح: (٨)، والبيهقي (٦/ ٤٣٣)، (كتاب الوصايا: باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين، ح: (١٢٤٥١)، من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سعيد بن أبي سعيد عن أنس به.
قال البوصيري في الزوائد ٢/ ٣٦٨: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
حديث علي - رضي الله عنه -: أخرجه الدارقطني (٤/ ٩٧)، كتاب الفرائض، ح: (٩١)، وابن عدي في الكامل (٧/ ١٩٠) من طريق يحيى بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق الهمداني عن عاصم بن صخرة عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدين قبل الوصية ولا وصية لوارث".
وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن أبي أنيسة، قال أحمد: متروك الحديث، وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: لا يتابع حديثه وليس بذاك، وقال النسائي: متروك الحديث، أسند ذلك ابن عدي في الكامل عنهم. يُنْظَر: الكامل لابن عدي (٧/ ١٩٠).
حديث ابن عباس: أخرجه الدارقطني (٤/ ٩٧)، كتاب الفرائض، ح: (٨٩)، والبيهقي (٦/ ٤٣١) كتاب الوصايا: باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين، ح: (١٢٥٣٣)، من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.
وقد جمع طرق هذه الأحاديث أو بعضها الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٤٠٣ - ٤٠٥)، وابن حجر في التلخيص الحبير (٣/ ١٠٦ - ١٠٧)، وأحسنها إسنادًا حديث أبي أمامة، وأما بقية الأحاديث فلا يخلو شيء منها من مقال؛ قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٥/ ٣٧٢): "ولا يخلو إسناد كل منها من مقال، لكن بمجموعها يقتضي أن للحديث أصلًا".