للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل عليه: لو سجد على كور العمامة فإنه يجزئه فكان وضع العمامة كوضع الجبهة هناك فكذا هنا. وأما عامة العلماء احتجوا فيه، [بظاهر] (١) قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] قال: الله تعالى أمر بمسح الرأس ولم يمسح الرأس إنما مسح على العمامة، ألا ترى أن من حلف لا يمسح رأس فلان فمسح على عمامته لا يحنث فيكون [الأمر] (٢) بالمسح باقيًا عليه لما أن العمامة ليست من الرأس؛ ولأنه ثبت في الرأس نوع رخصة وهو المسح [فلا يثبت أخرى] (٣) وتأويل الحديث أن رسول الله -عليه السلام- خص به تلك السرية لعذرٍ بهم فقد كان يخص [بعض] (٤) أصحابه [بأشياء] (٥) كما [أجاز] (٦) لعبد الرحمن لبس الحرير (٧)، وخص خزيمة بشهادته وحده (٨)، كذا في «المبسوطين» (٩).

(وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ وَإِنْ شَدَّهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لأنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- فَعَلَهُ وَأَمَرَ عَلِيًّا بِهِ، وَلأنَّ الْحَرَجَ فِيهِ فَوْقَ الْحَرَجِ فِي نَزْعِ الْخُفِّ فَكَانَ أَوْلَى بِشَرْعِ الْمَسْحِ، وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ عَلَى أَكْثَرِهَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-وَلا يَتَوَقَّتُ لِعَدَمِ التَّوْقِيتِ بِالتَّوْقِيتِ (وَإِنْ سَقَطَتْ الْجَبِيرَةُ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ لا يَبْطُلُ الْمَسْحُ) لأنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ)

-قوله: (ويجوز المسح على الجبائر) (١٠).


(١) في (أ): «فظاهر» والتصويب من (ب).
(٢) في (ب): «الأثر».
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): «ما شاء».
(٦) في (ب): «اختار».
(٧) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- «رخَّصَ لعَبدالرحمن بن عوف والزبير في قَمِيص من حَرير من حَكَّة كَانَتْ بهمَا». رواه البخاري في صحيحه (٣/ ١٠٦٩) الحديث رقم (٢٧٦٢) -٦٠ كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ -باب الحرير في الحرب-. ورواه مسلم في صحيحه (٦/ ١٤٣) حديث رقم (٥٤٨٠) -٣٧ كِتَاب اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ-باب الرخصة في لبس الحرير للحكة أو الوجع-.
(٨) عن زيد بن ثابت-رضي الله عنه-قال: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقرأ بها فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- شهادته شهادة رجلين وهي قوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}. رواه البخاري في صحيحه (٣/ ١٠٣٣) حديث رقم (٢٦٥٢) -٦٠ كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ - باب قول الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ}.
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ١٠١) باب المسح على الجوربين.
(١٠) مسألة المسح على الجبائر، اختلف القول فيها بين أبي حنيفة وصاحبيه، فنقل عن أبي حنيفة أن المسح على الجبائر سنة، وعنها أنه واجب، وعنها أنه فرض ونقل الاتفاق على الوجوب، وغير ذلك. قال ابن عابدين: والصحيح أنه عنده واجب لا فرض، فتجوز الصلاة بدونه، فقد اتفق الإمام وصاحباه على الوجوب بمعنى عدم جواز الترك، لكن عندهما يفوت الجواز بفوته فلا تصح الصلاة بدونه أيضا، وعنده يأثم بتركه فقط مع صحة الصلاة بدونه، ووجوب إعادتها، فهو أراد الوجوب الأدنى، وهما أرادا الوجوب الأعلى» والله أعلم. انظر: رد المحتار (١/ ٢٧٩)، المبسوط (١/ ٧٤)، فتح القدير: (١/ ١٥٨)، البحر الرائق (١/ ١٩٤)، بدائع الصنائع (١/ ١١٠).