للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفقة الأخ المقر له حال حياته، ذكره في المحيط والذخيرة (١) قلت: أما الأول: فإنما نسب الولد إلى الأب دون الأم لقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب من:٥]، وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة من:٢٣٣] حيث أضاف الولد إلى الأب بلام التمليك ولذلك اختص الأب بالنسب وعليه انعقد الإجماع، حيث أجمعوا على صحة خلافة أولاد الخلفاء من الإماء. علم بهذا أن الولد منسوب إلى الأب لا إلى الأم وبه قال الشاعر: (وإنما أمهات الناس أوعية) (٢) وأما اختصاص فائدة ثبوت النسب (٣) من الأب هي صحة إقرار الأب بالابن ووجوب نفقة الولد على الأب على وجه الاختصاص حتى لا يشاركه فيها أحد كما لا يشاركه أحد في نسبه. وأما فائدة ثبوت النسب في حق هذه الأربعة أو الخمسة هي ثبوته على طريق العموم لا على طريق الخصوص أي: أن حقوق المقر له كما تلزم على المقر كذلك تلزم على غير المقر تقديرًا لصحة إقراره حتى أنه إذا أقرَّ بالابن مثلًا فالابن المقر له يرث من المقر مع سائر ورثته وإن جحد سائر الورثة ذلك ويرث من أب المقر وهو جد المقر له وإن كان الجد يجحد بنوَّته لابنه، وأما فيما سوى الأربعة لما لم يصح إقرار المقر به ظهر أثره في موضعين: أحدهما: عدم اعتبار إقراره فيما يلزم غيره من الحقوق حتى أن من أقرَّ بأخ وله ورثة سواه يجحدون أخوته فمات المقر لا يرث الأخ مع سائر ورثته ولا يرث من أب المقر وأمه بخلاف من صح إقراره في حقه على ما ذكرنا، والثاني: صحة رجوع المقر عما أقرَّ في حق من سوى الأربعة وعدم صحته في حق الأربعة فإن من أقرَّ في مرضه بأخ وصدقه المقر له ثم رجع عما أقرَّ يصح حتى أنه لو أوصى بماله كله لإنسان بعد الإقرار بأخ كان ماله كله للموصى له؛ لأن النسب لما لم يثبت كان إقراره


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني ٨/ ١٦٩.
(٢) وَإِنَّما أُمَّهاتُ الناسِ أَوعِيَةٌ … مُستَودِعاتٌ وَلِلأَحسابِ آباءُ، لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. يُنْظَر: صيد الأفكار ١/ ٧٩.
(٣) في (ب): نسبه.