للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المانعة من التسليم والتسلم فيجوز إذا ثبت هذا فنقول: في كل موضع لا يحتاج إلى التسليم والتسلم فالجهالة فيه لا تفضي إلى مثل هذه (١) المنازعة، فلا تمنع جواز الصلح وفي كل موضع يحتاج إلى التسليم والتسلم فالجهالة تفضي إلى مثل هذه المنازعة فيمتنع جواز الصلح وأما دليل جوازه: ثابت بالكتاب والسنة أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء من:١٢٨] وفي هذا بيان أنه نهاية في الخيرية. وأما السنة: فما روي أن النبي عليه السلام صالح أهل مكة عام الحديبية على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين ودخل رسول الله عليه السلام المسجد فرأى رجلين يتنازعان في ثوب فقال لأحدهما: هل لك إلى الشطر هل لك إلى الثلثين؟ فقد دعاهما إلى الصلح وما كان يدعوهما إلا إلى عقد جائز كذا في المبسوط والذخيرة وغيرهما فإن قلت: لا يصح التمسك بالآية في تعميم الصلح؛ لأن الآية سيقت في الصلح بين الزوجين بدليل سياق الآية: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء من:١٢٨]، ثم ذكر الصلح معرفًا بلام العهد بعد ذكره منكرًا وفي مثله كان المذكور الثاني عين الأول كما في قوله تعالى: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزَّمل من:١٦]. وهو معروف، قلت: قال: في الأسرار قوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء من:١٢٨] وأنه كلام مستقل بذاته فلا يربط بسببه ولأن الله تعالى أخرجه مخرج التعليل لما رغب فيه من الصلح المشروع قبله أي: و (٢) صالحوا؛ لأن الصلح خير، والعلة لا تتقيد بمحل الحكم الذي علل به بل أينما وجد ثبت حكمها وأيد ذلك قوله: عليه السلام "الصلح جائز بين المسلمين" (٣) أما دعوى العهد: فهو غير مسلم في جميع الصور بل يقع


(١) مثل هذه: ساقطة من (أ).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) أخرجه الترمذي (٣/ ٦٢٦)، كتاب الأحكام: باب الصلح بين الناس حديث (١٣٥٢)، وابن ماجه (٢/ ٧٨٨)، كتاب الأحكام: باب الصلح حديث (٢٣٥٣)، والدارقطني (٣/ ٢٧)، كتاب البيوع، حديث (٩٨)، والحاكم (٤/ ١١٣)، كتاب الأحكام، ح: (٧٠٥٩)، والبيهقي (٦/ ١٠٧)، كتاب الصلح: باب صلح المعاوضة، ح: (١١٣٥٢)، من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا" لفظ الترمذي.
وقال الترمذي: "حسن صحيح".
وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: واه.
وكثير بن عبد الله.
قال النسائي: متروك الحديث، وقال الحافظ ابن حجر: ضعيف منهم من نسبه إلى الكذب.
يُنْظَر: الضعفاء والمتركين للنسائي رقم (٥٢٩)، تقريب التهذيب (٢/ ١٣٢).
وقد عقب الذهبي في الميزان ٣/ ٤٠٦، على تصحيح الترمذي لهذا الحديث فقال: "وأما الترمذي فروى من حديثهم أي كثير بن عمرو بن عوف: "الصلح جائز بين المسلمين" وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي". اهـ.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي ٤/ ٤٨٧: "وفي تصحيح الترمذي هذا الحديث نظر، فإن في إسناده كثير بن عبد الله بن عوف وهو ضعيف جدًّا، قال فيه الشافعي، وأبو داود: هو ركن من أركان الكذب، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضموعة، وتركه أحمد، وقد نوقش الترمذي في تصحيح حديثه قال الذهبي: أما الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيحه. وقال ابن كثير في إرشاده، وقد نوقش أبو عيسى يعني الترمذي في تصحيحه هذا الحديث وما شاكله".