للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: هو أن أبا حنيفة رحمه الله لم يجعل الإبراء المطلق من أحد الشريكين قسمة الدين قبل القبض وجعل الإبراء المؤقت وهو: التأخير من أحدهما قسمة الدين قبل القبض مع أن في كل منهما تصرف لأحد الشريكين في نصيبه على وجه يخالف به وصف أحد النصيبين للآخر وكان (١) به تميز حاصل لأحد النصيبين من الآخر وهو معنى القسمة كان ينبغي أن يجوز كلاهما أو لا يجوز كلاهما. فما وجه الفرق لأبي حنيفة بينهما؟ والثاني: ما المعنى الفقهي في عدم جواز قسمة الدين قبل القبض؟ قلت: أما الفرق فإنه لا يلزم في إبراء نصيبه قسمة الدين قبل القبض؛ لأنه لا يبقى نصيبه بعد الإبراء أصلًا والقسمة إنما تكون مع بقاء نصيب كل واحد منهما وفي التأخير بقي نصيب كل واحد منهما في أصل الدين على حاله حتى أن الآخر إذا قبض نصيبه ثم حل الأجل كان للمؤخر أن (٢) يشاركه في المقبوض وما بقي مشتركًا بينهما والباقي هو ما كان مؤجلًا. فلما بقي نصيب كل واحد منهما في أصل الحق كما كان أمكن أن يقال بالقسمة لتميز وصف النصيبين بأن أحدهما حال والآخر مؤجل وإنما قلنا: أن هذا قسمة؛ لأن نصيب أحدهما يصير مخالفًا لنصيب الآخر في الوصف والحكم أما في الوصف به (٣) يقال لأحد لأحد النصيبين حال وللآخر مؤجل وأما في الحكم: فإن للساكت أن يطالب المديون بنصيبه في الحال وللمؤخر لا والقسمة ليست إلا أن يصير أحد النصيبين مخالفًا للآخر والثاني من الفرق بينهما أي: في جواز الإبراء وعدم جواز التأخير وجود الضرر وعدمه؛ وذلك لأن في تصرف المؤخر إضرار بشريكه وأحد الشريكين إذا تصرف في نصيبه على وجه يلحق الضرر بصاحبه لم ينفذ تصرفه في حق شريكه كما لو كان أحد الشريكين في العبد نصيبه كان للآخر


(١) في (ب): فكان.
(٢) في (أ): إذ.
(٣) في (ب): فإنه: بدل: به.