للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن قال: وهذا كلام ظاهر الاختلال؛ لأن أبا يوسف ومحمدًا رحمهما الله يقولان التأجيل لا يوجب القسمة؛ لأنه تصرف في المطالبة فأصل الدين يبقى على ما كان مشتركًا بينهما وبالتأخير يتغير صفة نصيب لم أحدهما بأن لا يبقى مطالبًا به للحال وتغير صفة النصيب لا يدل على انقطاع الشركة ألا ترى (١): أن أحدهما لو أقرَّ بأن نصيبه لفلان صح وقد تغير صفة الملك فإنه كان مضافًا إليه والآن صار مضافًا إلى غيره وكذلك لو كان عينا لا يحتمل القسمة فوهب أحدهما نصيبه لأجنبي وسلم صح والشركة باقية وقد يغير المالك وتغير الصفة؛ لأن حكم الهبة يخالف حكم المشتري. ولكن الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي رحمه الله (٢) في المبسوط (٣) اختار هذا التعليل المذكور في الكتاب. وقال: وإنما قلنا: أن هذه قسمة؛ لأن نصيب أحدهما يصير مخالفًا لنصيب الآخر في الوصف والحكم، والقسمة ليست إلا هذا. فإن القول ما قالت حذام (٤).


(١) في (ب): يرى.
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ٢١/ ٣٨.
(٤) هِيَ حذام بنت الريان وَقعت بَين أبيها وَبَين عاطس بن علاج بن ذِي الجنَاح حَرْب فتحاجزا لما عضهما الْقرح وَرجع كِلَاهُمَا إِلَى عسكره ثمَّ إِن الريان هرب من ليلته فسارها والغد وَلَا يلوي على شَيْء فَلَمَّا أصبح عاطس أتبعه فُرْسَانًا حَتَّى إِذا قربوا من الْمَكَان نبهوا القطا فطار مُقبلا نَحْو أَصْحَاب الريان فَقَالَت حذام لَو ترك القطا لَيْلًا لنام فَرَفَضُوا قَوْلَهَا وأخلدوا إِلَى الْمضَاجع قَالَ دميس بن ظَالِم الأعصري (الوافر): (إِذا قَالَت حذام فصدقوها … فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام) فارتحلوا حَتَّى لاذوا بواد قريب مِنْهُم فوجدوهم قد امْتَنعُوا فَرَجَعُوا وَقيل قَائِله لجيم بن صَعب وحذام امْرَأَته وَهِي قد خوفته بيات الْعَدو فكذبها ثمَّ بيتوها فنجا مِنْهُم فَقَالَ ذَلِك يضْرب في تَصْدِيق الرجل أَخَاهُ عِنْد إخْبَاره. يُنْظَر: المستقصى في أمثال العرب (١/ ٣٤٠)، مجمع الأمثال (٢/ ١٠٦).