للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رجل كان بالكوفة وإن لم يكن كوفيًّا مراد رب المال من هذا القول أن لا يشتري ولا يبيع في غير الكوفة لا أن يكون ذلك الرجل كوفيًا فإن قلت: في هذا الذي ذكرته من أن المراد به أن لا يشتري في غير الكوفة عدول عما اقتضاه ظاهر اللفظ فإن ظاهر اللفظ يقتضي أن يوجد شراؤه من كوفي لا من غير كوفي سواء كان في الكوفة أو في غيرها. قلت: إنما يعلم ذلك المراد منه من كمال عقل رب المال ولا شك أنه إنما يقول هذا للاحتياط في حفظ ماله على ما يقتضيه العقل، والاحتياط في حفظ المال. إنما يوجد في ذلك المراد الذي قلنا لا فيما يقتضيه ظاهر اللفظ، وذلك، لأن أهل الكوفة جم غفير وجمع كثير غير محصور بأشخاص معدودة فكانوا على آراء مختلفة وطبائع متفاوتة كما كان عليه أهل سائر البلدان وهم بجملتهم لا يتفقون في المعاملة وقضاء الديون في السهولة. بل منهم من يستقضي ويناقش في الحساب ومنهم من يتساهل في الخطاب فعلمنا بهذا أن مراده تقييد التصرف بالكوفة وقد وجد ذلك في التصرف بالكوفة سواء تصرف بالكوفة مع أهل الكوفة أو مع الغرباء بها إلى هذا أشار (١) في المبسوط (٢).

(وفائدة الثاني التقييد بالنوع): أي: كان هذا من رب المال تخصيصًا لنوع بيع وهو بيع الصرف؛ لأنه لما يخص المعاملة بشخص بعينه بل خص من تعامل ذلك النوع في معاملاته وهم الصيارفة علم بهذا أن مراده تخصيص بيع الصرف وكان (٣) له (أن يشتري) من غير الصيارفة ما بدا له من الصرف.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ٢٢/ ٤٢.
(٣) في (ب): فكان.