للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلَيْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالنُّفَسَاءِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «لا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ -رحِمَهُ الله- فِي الْحَائِضِ، وَهُوَ بِإِطْلاقِهِ يَتَنَاوَلُ مَا دُونَ الْآيَةِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى الطَّحَاوِيِّ فِي إبَاحَتِهِ

-قوله -رحمه الله-: (وهو حجة على مالك (١) في الحائض) فإنه يجوز للحائض قراءة القرآن دون الجنب. قال: [لأن] (٢) الجنب قادر على تحصيل صفة الطهارة بالاغتسال فيلزمه تقديمه على القراءة والحائض عاجزةً عن ذلك، وكان لها أن تقرأ.

ولنا: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: «أن النبي-عليه السلام-كان ينهى الحائض والجنب عن قراءة القرآن» (٣).

ثم عجزها [عن تحصيل صفة الطهارة يدل على تغلظ ما بها من الحدث فلا يدل على إطلاق القراءة لها.

وذكر الطحاوي -رحمه الله-: أنها إنما تمنع] (٤) عن قراءة آية تامة ولا تمنع عن قراءة ما دون [ذلك] (٥)؛ لأن المتعلق بالقرآن حكمان وجواز الصلاة، ومنع الحائض عن قراءته، ثم في حق أحد الحكمين يفصل بين الآية وما دونها، فكذلك في الحكم الآخر.

«وقال الكرخي: تمنع عن قراءة ما دون الآية أيضًا على قصد قراءة [القرآن] (٦) كما تمنع عن قراءة الآية التامة؛ لأن الكل قرآن»، كذا في «المبسوط» (٧)، وذكر في «الجامع» [من الحيض] (٨) لنجم الدين الزاهدي، وأطلق الطحاوي ما دون الآية للحائض والنفساء والجنب وهو رواية ابن سماعة عن أبي حنيفة وعليه الأكثر، ولكن المصنف -رحمه الله- ذكر في التجنيس: «ويستوي في القراءة الآية وما دونها هو الصحيح» (٩) يعني في الحرمة، «ولكن هذا إذا قصدت القراءة كما ذكرنا، فإن لم تقصدها نحو أن يقرأ الحمد لله شكرًا للنعمة فلا بأس به، وإذا حاضت المعلمة فينبغي لها أن تعلم الصبيان كلمة كلمة، وتقطع بين الكلمتين على قول الكرخي، وعلى قول الطحاوي تعلم نصف آية وتقطع ثم تعلم نصف آية ولا يكره لها التهجي بالقرآن، وكذا لا يكره قراءة [دعاء] (١٠) القنوت: اللهم إنا نستعينك. كذا في «المحيط» (١١)، وذكر الحلواني عن أبي حنيفة: [لا بأس للجنب أن يقرأ الفاتحة على وجه الدعاء.


(١) مذهب المالكية: أنه يجوز للحائض قراءة القرآن حال استرسال الدم عليها. انظر: شرح بداية المجتهد (١/ ١١١)، مواهب الجليل (١/ ٣٧٥)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١/ ١٧٤).
(٢) في (ب): «فإن».
(٣) الحديث رواه الترمذي في سننه (١/ ٢٣٦) برقم (١٣١) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقرأ الحائض، ولا الجنب شيئًا من القرآن» وابن ماجة في سننه (١/ ١٩٦) برقم (٥٩٦) عنه، وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة ص (٤٦) برقم (١٣١) وقال: «منكر». فمذهب الحنفية: لا يجوز للحائض قراءة القرآن. انظر: شرح فتح القدير (١/ ١٦٧)، البناية (١/ ٦٤٣)، حاشية رد المحتار (١/ ٢٩٣).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): «الآية».
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) المبسوط للسرخسي (٣/ ١٥٢) فصل الأحكام التي تتعلق بالحيض.
(٨) ساقطة من (ب).
(٩) كتاب التجنيس (١/ ١٨٧) مسألة (١١٢) كتاب الطهارات، باب الحيض.
(١٠) ساقطة من (ب).
(١١) المحيط (١/ ٢١٧) الفصل الثامن في الحيض.