للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فربح (١) ألفًا واقتسما الربح فأخذ كل واحد منهما خمسمائة لنفسه وبقي رأس مال المضاربة في يد المضارب على حاله حتى هلك أو عمل بها فوضع فيها أو نوى بعد ما عمل بها فإن قسمتها باطلة والخمسمائة التي أخذها رب المال تحسب من (٢) رأس ماله فيغرم له المضارب الخمسمائة التي أخذها لنفسه؛ فيكون له من رأس ماله وما هلك فهو من الربح؛ لأن الربح لا يتبين قبل وصول رأس المال إلى رب المال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمن كمثل التاجر لا يسلم ربحه حتى يسلم له رأس ماله" (٣) فكذلك المؤمن لا تسلم له نوافله حتى تسلم عزائمه، أو قال: فرائضه؛ وهذا لأن رأس المال أصل والربح فرع وما بقي من رأس المال في يد المضارب فهو أمين فيه فإذا هلك من عمله أو غير عمله لا يكون مضمونًا عليه. ولكن ما هلك كأن لم يكن فتبين أن الباقي من المال كان (٤) مقدار الألف وصل إلى رب المال من (٥) ذلك خمسمائة وأخذ المضارب لنفسه خمسمائة وما أخذه لنفسه فهو مضمون عليه فيغرم لرب المال الخمسمائة التي أخذها حتى يصل إليه كمال رأس ماله وقسمة الربح هنا قبل وصول رأس المال إلى رب المال بمنزلة قسمة الوارث التركة مع قيام الدين على الميت. فلو أن الورثة عزلوا من التركة مقدار الدين وقسموا ما بقي ثم هلك المعزول قبل أن يصل إلى الغرماء بطلت القسمة؛ وعليهم ضمان ما أخذوا لحق الغرماء لما أن حق الغرماء سابق على حق الورثة في التركة؛ فكذلك هنا حق رب المال في رأس المال سابق على حقهما في الربح وذكر في الذخيرة (٦): اعلم أن قسمة الربح قبل


(١) في (أ): فالربح.
(٢) في (أ): عن.
(٣) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وذكره السرخسي في المبسوط ٢٢/ ١٠٥.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (أ): عن.
(٦) يُنْظَر: البحر الرائق ٧/ ٢٦٨.