للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عين مال المضارب القائم في الثوب الذي هو مال المضاربة فكان خلطًا ولهذا المضارب ولاية الخلط؛ لأن الكلام في المضارب الذي قال له رب المال: (اعمل برأيك) وله فيه ولاية الخلط ولما اختلط ماله بمال (١) المضاربة صار هو شريكًا لرب المال. وأما جهة عدم الجواز: فإن في صبغه أحمر معنى الاستدانة على مال المضاربة؛ لأن بهذا الصبغ تزداد (٢) قيمة الثوب وما أنفق في الصبغ يكون دينًا على رب المال إذا لم يكن فعله تعديًا ثم هو لا يملك به استدانة على رب المال إلا بالتنصيص عليها ولا يملكها بمجرد قوله: اعمل برأيك فلما دار فعله في صبغ الحمرة بين كونه مأذونًا وبين كونه غير مأذون على الوجه الذي ذكرنا ارتقى فعله عن فعل الغاصب حتى صار شريكًا ولم يكن ضامنًا. بخلاف الغاصب. فإنه لا يصير شريكًا في العين بهذا الفعل بل يصير ضامنًا وإن حط (٣) درجته عن درجة مضارب مأذون فيه من كل وجه حتى لم يقع فعله ذلك مضاربة، بل إذا بيع الثوب فيما يخص قيمة الصبغ من الثمن يكون للمضارب وما يخص قيمة الثوب الأبيض كان على المضاربة. وهو نظير ما لو هبت الريح وألقته في صبغ الغير فإن صاحب الصبغ يكون شريكًا حتى يباع الثوب، فيقسم الثمن بينهما على قيمة الصبغ وقيمة الثوب بخلاف القصارة والحمل فإنه لما لم يبق عين للمضارب في الثوب لم تقع به الشركة له. وبهذا التقرير خرج الجواب عن شبهة قالوها وهي: أنه لما لم ينفذ صبغة الثياب على رب المال لكونه استدانة ينبغي أن يضمن كما في الغاصب لوجود الخلط على وجه لا يمكنه التمييز وخرج الجواب عن شبهة أيضًا وهي: أن فعله هذا إما أن يقع مأذونًا أو غير مأذون فإن وقع مأذونًا ينبغي أن يقع على المضاربة وإن وقع غير مأذون ينبغي أن يضمن المضارب كالغاصب


(١) في (أ): مال.
(٢) في (أ) و (ب): يزداد. والصواب ما أثبته.
(٣) في (أ): انحط.