للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن (١) صبغها أحمر فهو شريك): خص الحمر؛ لأن السواد نقصان عند أبي حنيفة رحمه الله (٢) فأما سائر الألوان فمثل الحمرة. كذا ذكره فخر الإسلام في الجامع الصغير (٣).

(بخلاف القَصارة): بفتح القاف؛ لأن القِصارة بكسر القاف حرفة القصّار وبالفتح فعله مصدر من قصر الثوب يعني: (بخلاف القصارة والحمل فإنه ليس بعينِ مالٍ)؛ لأنه (٤) يزيل الدرن ولا يزيد فيه شيئًا ويبقى الثوب أبيضًا على ما كان أصله. فلما كان كذلك لا يصير شريكًا؛ لأن شركة الأملاك إنما تكون بالمال. ولهذا إذا فعله الغاصب ضاع ولا يضيع إذا صبغ المغصوب يعني إذا قصر الغاصب ثوب إنسان بغير إذنه فازدادت قيمته بقصارته كان للمالك أن يأخذ ثوبه مجانًا بغير عوض. وأما إذا كان الغاصب صبغه أحمر أو أصفر لم يكن للمالك أن يأخذه مجانًا. بل يتخير رب الثوب إن شاء أخذ الثوب وأعطاه قيمة ما زاد الصبغ فيه يوم الخصومة لا يوم الاتصال بثوبه وإن شاء ضمنه جميع قيمة الثوب أبيض يوم صبغه وترك الثوب عليه؛ فلما كان كذلك ينبغي أن لا يكون المضارب أشقى حالًا من الغاصب في حق الصبغ حتى لا يهدر صبغه كما هدر قصارته. ثم ها هنا لم يضمن المضارب بصبغه أحمر وإن لم يكن مأذونًا فيه والغاصب يضمنه على الوجه الذي ذكرنا. وإنما لم يضمن المضارب بصبغه الثوب أحمر ها هنا مع أنه لم تكن له ولاية الصبغ؛ لأن لصبغه أحمر جهتين مختلفتين: إحداهما: يقتضي جواز فعل الصبغ له والأخرى: تقتضي عدم جواز فعل الصبغ له أما جهة الجواز: فهي أن في صبغه أحمر خلطًا لمال المضاربة بمال نفسه؛ لأن قيمة الثوب ازدادت بصبغه أحمر والصبغ


(١) في (ب): فإن.
(٢) في (ب): رضي الله عنه.
(٣) يُنْظَر: البناية ١٠/ ٩٣.
(٤) ساقطة من (ب).