للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمحبوبي (١) ولا يكون الدفع والفداء إلى المضارب خاصة؛ لأن الدفع والفداء ليس من أحكام المضاربة؛ لأن المقصود من المضاربة الاسترباح (٢) والدفع. والفداء ليس باسترباح، فلهذا كان ذلك إليهما فإن شاءا دفعاه وإن شاءا فدياه وأيهما فعل بطل عقد المضاربة. أما الدفع فظاهر؛ لأن مال المضاربة صار هالكًا؛ وأما الفداء؛ (فلأن العبد بالجناية صار كالزائل عن ملكهما) إلى آخره؛ ولأن بالفداء يتميز نصيب أحدهما من نصيب الآخر حكمًا. فإن المضارب يفدي الربع الذي هو نصيبه ورب المال يفدي ثلاثة أرباعه وفي المضاربة إذا تميز المضارب من نصيب رب المال تبطل المضاربة كما إذا تميز بالقسمة فصار الفداء من كل واحد منهما نصيبه في معنى القسمة، والقسمة توجب انتهاء المضاربة وكذلك بالدفع على ما قلنا بخلاف ما تقدم أراد به ما إذا ضاع الألفان في المسألة المتقدمة حيث لا تنتهي المضاربة هناك بل بقيت على ما كانت وذكر في الفوائد الظهيرية (٣) فرق بين هذا وبين ما تقدم حيث لا يخرج هناك ما يخص رب المال عن المضاربة وهنا يخرج. والفرق: أن الواجب فيما تقدم ضمان التجارة، وضمان التجارة لا ينافي المضاربة. والواجب هنا ضمان الجناية وضمان الجناية ليس من التجارة في شيء. فلا يبقي على المضاربة فيرجع مرة بعد أخرى بخلاف الوكيل وذكر الإمام المحبوبي (٤) ثلاثة أوجه في الفرق بينهما، أحدها: ما ذكره في الكتاب والثاني: أنا لو لم نحمل ما قبضه الوكيل على الاستيفاء لأبطلنا حق الموكل أصلًا؛ لأنه إذا رجع عليه بألف أخرى ضاع ذلك أصلًا. فأما هنا حق رب المال لا يضيع إذا حمل على الأمانة؛ لأنه يلحق برأس المال ويستوفيه من الربح. ولو حمل على


(١) يُنْظَر: البناية ١٠/ ٩٨.
(٢) في (أ): استرباح.
(٣) يُنْظَر: الدر المختار ٥/ ٦٥٩.
(٤) يُنْظَر: البناية ١٠/ ١٠١.