للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجارة؛ لأنه لا ضرر [عليه] (١) في إبقاء العقد إلا قدر ما التزمه عند العقد، وهو الحجر على نفسه من التصرف في المستأجر إلى انتهاء المدة، فإن باعه مع هذا هل يجوز؟

اختلف ألفاظ الروايات فيه، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله (٢) في شرح إجارات الأصل، والصحيح من الروايات أن البيع موقوف على سقوط حق المستأجر، وليس للمستأجر أن يفسخ البيع، وإليه مال الصدر الشهيد (٣) حتى قالوا: لو استغنى فقيه عن بيع المستأجر قبل مضي أيام الفسخ يكتب في جوابه في حق المستأجر لا ولو جاء أيام الفسخ ينفذ بيع الآجر، وتنفسخ الإجارة في الصحيح من الجواب وللمستأجر حق الحبس (٤) لاستيفاء الأجرة، وهذا إذا لم يكن له عذر في البيع، وإن كان على المؤاجر دين فحبس في دينه فباعه فهذا عذرا؛ لأن عليه في إبقاء العقد ضررا لم يلتزمه بأصل العقد، وهو الحبس في المجلس إلى وقت سقوط حق المستأجر، فيكون عذرا له في الفسخ؛ لدفع الضرر عن نفسه إليه، أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «إذا استقبلك بلاء فاجعل مالك دون نفسك» (٥).


(١) ساقطة من (أ).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١٦/ ٣).
(٣) انظر: البناية شرح الهداية (١٠/ ٣٥٠)، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٤٠١).
(٤) في (ب) الفسخ.
(٥) حدثنا محمد بن المثنى، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، قال: شيعنا جندبا إلى خص المرتب فقلنا: أوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل وأوصيكم بالقرآن فإنه نور الليل المظلم وهدي النهار فاعملوا به على ما كان من جهد أو فاقة فإن عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك فإن تجاوزتها البلية فقدم مالك ونفسك دون دينك، واعلم أن المحروب من حرب دينه، وأن المسلوب من سلب دينه وأنه لا غنى بعد النار ولا فقر بعد الجنة وإن النار لا يفك أسيرها ولا يستغني فقيرها".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤/ ٢٩٤) حديث رقم ٢٣١٥، والبيهقي في شعب الإيمان (٣/ ١٨١) باب في إدمان تلاوة القرآن حديث رقم ١٨٣٧.
درجة الحديث: هذا الحديث صحيح موقوف.
انظر: المطالب العالية لابن حجر العسقلاني (١٣/ ١٤٩).