للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والطحاوي (١) (٢) -رحمه الله- أخذ في هذه المسألة بالقياس، وقال: القياس عندي أولى من الاستحسان، [وفي الاستحسان] (٣) يجوز هذا؛ لأن هذا، وشركة التقبل (٤) في العمل ما بدالهما سواء، فيصير رأس مال أحدهما التقبل، ورأس مال الآخر العمل، وكل واحد منهما يجب به الأجر، فجاز.

وإنما قلنا أن [تصحيحه] (٥) ممكن؛ لأنهما شرطا أن [يكون] (٦) الخارج من عمل التلميذ بينهما على الشركة، ولا صحة لذلك إلا بعد إثبات الشركة في التقبل، فتثبت الشركة في التقبل اقتضاء، إذ ليس في كلامهما إلا تخصيص أحدهما بالتقبل، والآخر بالعمل، وتخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه (٧)، فأمكنا إثبات الشركة


(١) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن سليمان ابن حباب الأزدي الحجري المصري أبو جعفر الطحاوي الفقيه الإمام الحافظ تكرر ذكره في الهداية ولد سنة تسع وعشرين ومائتين ومات سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة صحب المزني وتفقه به ثم ترك مذهبه وصار حنفي المذهب وكان ثقة ثبتا.
انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ١٠٢).
(٢) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ١٥٠)، البناية شرح الهداية (١٠/ ٣٥٦).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) وشركة التقبل من قبول أحدهما العمل وإلقائه على صاحبه. (وسميت شركة التقبل) من تقبل العمل التقبل: مصدر تقبل. تعهد العمل، والتزامه شركة التقبل عند الحنفية: أن يتفق صانعان على أن يتقبلا الأعمال، ويكون الكسب بينهما. وكل ما تقبله أحدهما يلزمهما، وتسمى شركة صنائع، وأعمال، وأبدان.
انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (١/ ١٠٠)، والمغرب في ترتيب المعرب (١/ ٣٧٢).
(٥) في (ب) فيه فصحيحه.
(٦) ساقطة من (أ).
(٧) القاعدة: تخصيص الشيء بالذكر، مفهوم المخالفة.
ألفاظ ورود القاعدة: تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي الحكم عما عداه في متفاهم الناس وعرفهم، لا في خطابات الشارع. وفي لفظ: لا يجوز الاحتجاج بالمفهوم في كلام الناس في ظاهر المذهب كالأدلة وفي لفظ: تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه وفي لفظ: تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه. قواعد أصولية فقهية.
معنى هذه القواعد ومدلولها: هذه القواعد تتعلق بمسألة من المسائل الأصولية الخلافية بين الحنفية وجمهور الأصوليين من غيرهم. حيث إن غير الحنفية يرون الاحتجاج بمفهوم المخالفة، وهو ما يسميه الحنفية: تخصيص الشيء بالذكر، ويستدل غير الحنفية بهذا المفهوم في كثير من المواضع -مذكورة في مظانها من كتب أصول الفقه- ولكن الحنفية يخالفونهم في ذلك ويقولون: إن ما عدا المخصوص مسكوت عنه فيبقى حكمه على ما دل عليه الدليل العام. ولكن الحنفية من جهة أخرى يُعمل جمهورهم مفهوم المخالفة في كلام الناس، وأعرافهم وإن كان ابن نجيم -كما هو مذكور أعلاه- يخالف في ذلك ويرى أن ظاهر المذهب على عدم العمل بالمفهوم مطلقًا. انظر: موسوعة القواعد الفقهية (٢/ ٢٤٧).