للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إذا كانت المرأة معتادة بما دون العشرة بأن كانت عادتها خمسة أيام مثلاً فرأت في المرة الثانية في اليوم السادس أيضًا دمًا فقد اختلف المشايخ فيه.

قال أئمة بلخ (١): إنها تؤمر بالاغتسال والصلاة؛ لأن حال الزيادة متردد بين الحيض والاستحاضة فلا يترك الصلاة مع التردد، ولأن هذه الزيادة لا تكون حيضًا إلا بشرط وهو الانقطاع قبل أن تجاوز العشرة وذلك موهوم فلا تترك الصلاة باعتبار شرط هو موهوم.

وكان محمد بن إبراهيم الميداني -رحمه الله- يقول: لا تؤمر الاغتسال والصلاة وهو الأصح؛ لأنا عرفنا حائضًا بيقين، وفي خروجها من الحيض شك، ودليل بقائها حائضًا ظاهر وهو رؤية الدم، وهذه الزيادة لا تكون استحاضة إلا بشرط الاستمرار حتى تجاوز العشرة وذلك الشرط غير ثابت في الحال فتيقناها حائضًا، ولا تؤمر بالاغتسال والصلاة حتى يتبين أمرها، فإن جاوز العشرة فحينئذٍ تؤمر بقضاء ما تركت من الصلوات بعد أيام عادتها واعتبر هذه المدة بالمبتدأة لا تؤمر بالاغتسال والصلاة مع رؤية الدم ما لم يجاوز العشرة في كتاب الحيض للإمام عماد الدين أبي بكر النسفي (٢) -رحمه الله-] (٣).

وقال شيخ الإسلام في «مبسوطه» (٤): وقال الشافعي بأن المرأة إذا استحيضت ولها أيام معلومة في الحيض فإنها تميز باللون فيما زاد على أيامها، فإن كان أسود عبيطًا أو أحمر خالصًا يجعلها حيضًا ولا عبرة للأيام وإن لم يكن أسود كان دم الاستحاضة وإن لم يكن التميز باللون بأن لم يكن أسود خالصًا أو أحمر خالصًا بل يشبه هذا وهذا حينئذٍ يعتير الأيام (٥).


(١) بلخ: مدينة مشهورة بخراسان، تقع على الشاطئ الجنوبي لنهر جيحون وهي اليوم من بلاد الأفغان وينسب إليها كثير من العلماء منهم الحافظ، أبو بكر عبد الله بن جياش البلخي، والحسن بن شجاع، أبو علي علي البلخي المحدث وأبوإسحاق إبراهيم بن يوسف الباهلي البلخي، وجلال الدين الرومي الزاهد المتصوف وغيرهم. انظر: تعريف بالأعلام الواردة في البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٣٣٢) من إصدار موقع الإسلام.
(٢) هو الإمام عماد الدين أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور النسفي تلميذ الاستاذ شمس الأئمة أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني -رحمهما الله- الانساب للسمعاني (٩/ ١٦٠).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) انظر: مبسوط شيخ الإسلام، للشيباني (١/ ٤٦٢ - ٤٨٨).
(٥) انظر: الحاوي الكبير (١/ ٣٩٨)