للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَدَمُ الاسْتِحَاضَةِ) كَالرُّعَافِ الدَّائِمِ لا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَلا الصَّلاةَ وَلا الْوَطْءَ لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» وَإِذَا عُرِفَ حُكْمُ الصَّلاةِ ثَبَتَ حُكْمُ الصَّوْمِ وَالْوَطْءُ بِنَتِيجَةِ الإجْمَاعِ (وَلَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) وَلَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ دُونَهَا رَدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا، وَاَلَّذِي زَادَ اسْتِحَاضَةٌ لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَلأنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَادَةِ يُجَانِسُ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَيُلْحَقُ بِهِ)

-قوله: (ولأن الزائد على العادة يجانس [ما زاد] (١) على العشرة فيلحق به) وهذا لأن [المقدر] (٢) العادي مثل [المقدر] (٣) الشرعي، ألا ترى أنها إذا بلغت واستمر بها الدم فيجعل عشرة وعشرين. وكذلك إذا رأت حالة البلوغ ثلاثة أيام ثم استمر بها الدم في المرة الثانية تجعل حيضها من كل شهر ثلاثة أيام.

وقال الإمام شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- في «المبسوط»: «لأن الحيض لا يكون أكثر من عشرة فتيقنا فيما زاد على العشرة أنه استحاضة وتيقنا في أيامها بالحيض وبقي التردد فيما زاد إلى تمام العشرة، فإن ألحقناه بما قبله كان حيضًا، وإن ألحقناه بما بعده كان استحاضة فلا تترك الصلاة فيه بالشك؛ لأن وجوب الصلاة كان ثابتًا بيقين فلا يترك إلا بيقين مثله (٤)، وكان إلحاقه بما بعده أولى؛ لأنه ما ظهر إلا في الوقت الذي ظهر فيه الاستحاضة متصلاً به» (٥)، [هذا الذي ذكره في المعتادة بما دون العشرة فجاوز الدم في المرة الثانية من العشرة.


(١) في (ب): «على ما زاد» ولعل «على» زائدة.
(٢) في (ب): «المقدار».
(٣) في (ب): «المقدار».
(٤) هذه قاعدة (ماثبت بيقين لايرتفع إلا بيقين)
ومعناها: أن اليقين إذا لم يزول بالشك فهو يزول ويرتفع بيقين مثله. مثل: إذا شك في ترك مأمور في الصلاة: قالوا يسجد للسهو، أو شك في ارتكاب فعل منهي عنه وهو في الصلاة فلا يسجد؛ لأن الأصل عدم الفعل. أو سها وشك هل سجد للسهو؟ يسجد، لأن الذمة أعمرت بيقين، والسجود مشكول فيه، فعليه باليقين وهو السجود فعلاً. الوجيز في ايضاح قواعد الفقه الكلية (١/ ١٨٢).
(٥) المبسوط للسرخسي (٢/ ١٦) باب صلاة المستحاضة.