للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو يوسف -ومحمد رحمها الله-: هو على قدر غلا السعر، ورخصه، ولا ينظر في قيمة الوسط إلى قيمة المكاتب؛ لأن عقد الكتابة عقد إرفاق، فالظاهر أن يكون البدل على أقل من قيمة المكاتب (١).

فإن قلت: كيف جعل هذا العبد جنسا (٢) واحدا، وجعل في الوكالة (٣) أجناسا مختلفة حتى لم يجوز الوكالة شراء العبد مطلقا؟

قلت: كان العمل في حق العبد عملا بالشبهين بالنظر إلى الموضعين، حيث ألحق بالجنس الواحد إذا سمي في عقد هو معاوضة المال بما ليس بمال، وألحق بالأجناس المختلفة إذا سمي في عقد هو معاوضته المال بالمال، وإنما فعل هكذا؛ لأن العبد في أنواعه لسبب فحش التفاوت (٤) فيما بينهم بمنزلة الأجناس المختلفة، ولكن هو في ماهية اسم العبد، وفي حق ما يطلب منه في المنفعة الخاصة بالعبد جنس واحدا، ثم في معاوضة المال بالمال يجري المضايقة (٥)، والمماكسة (٦)، [فألحق بالأجناس] (٧) المختلفة؛ ليكون العمل


(١) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ١٦٨)، البناية شرح الهداية (١٠/ ٣٨٣).
(٢) جنس: الجنس: الضرب من كل شيء، وهو من الناس ومن الطير ومن حدود النحو والعروض والأشياء والجنس أعم من النوع، ومنه المجانسة والتجنيس فالناس جنس والإبل جنس والبقر جنس والشاء جنس فهو أعم من النوع فالحيوان جنس والإنسان نوع.
انظر: لسان العرب (٦/ ٤٣)، المعجم الوسيط (١/ ١٤٠).
(٣) الوكالة لغة: بفتح الواو وكسرها، الاسم من وكل فلانا، فوض إليه أمرا من الأمور.
انظر: لسان العرب (١١/ ٧٣٤).
شرعا: عبارة عن إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم.
انظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٩٩)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢١٦).
(٤) تفاوت الشيئان تباعد ما بينهما وقيل التفاوت الإختلاف وقيل تفاوت الشيئان اختلفا في التقدير ويقال تفاوت الرجلان تباينا في الفضل والخلق اختلف ولم يكن سويا.
انظر: لسان العرب المادة: فوت (٢/ ٦٩)، المعجم الوسيط (٢/ ٧٠٥).
(٥) الضيق: نقيض السعة، ضاق الشيء يضيق ضيقا وتضيق وتضايق وضيقه الضيق الشيء الضيق.
أي كل واحد منهما يضيق على الآخر في أمور العقد.
انظر: لسان العرب (١٠/ ٢٠٨)، البناية شرح الهداية (٥/ ١٧١).
(٦) (مكس) الشيء مكسا نقص ماكسه في البيع مماكسة طلب منه أن ينقص الثمن ونابذه وحاجه والمماكسة والمكاس في معناه.
انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٤٤)، المعجم الوسيط (٢/ ٨٨١).
(٧) في (ب) الحق الأجناس.