للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (وإذا خرج الوقت بطل وضوءهم) إضافة بطلان الوضوء إلى خروج الوقت مجاز على ما يجيء بعد هذا بقوله أي: عنده بالحدث السابق أي: إنما يظهر أثر الحدث السابق عند خروج الوقت فأضيف البطلان إلى الخروج مجازًا فكان هذا نظيره أسند النصب إلى الواو في «المصباح» (١) في قوله: وأما ما ينصب المفرد فسبعة: الواو بمعنى مع إلى آخره، ولا شك أن الناصب هو الفعل المتقدم لا الواو، ولكن ذلك الفعل إنما يعمل ذلك العمل عند وجود هذا الواو فأسند النصب إليه لما عرف في أصول الفقه أن الشرط قد يقام مقام العلة في حق إضافة الأحكام إليه.

وقال فخر الإسلام في «الجامع الصغير» (٢): والصحيح أنها لا تنقض بدخول ولا خروج؛ لأن ذلك ليس بحدث، وإنما ينقضها الحدث لكن الوقت مانع، فإذا زال ظهر أثر الحدث فينسب إلى الخروج مجازًا ولا يعقل معنى النقض بنفس الوقت بحال؛ لأن ذلك ليس من صفات الإنسان فضلاً عن الحدث.

(وَهَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلاثَةِ. وَقَالَ زُفَرُ: اسْتَأْنَفُوا إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ (فَإِنْ تَوَضَّئُوا حِينَ تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَجْزَأَهُمْ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُ الظُّهْرِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ أَجْزَأَهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الظُّهْرِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ طَهَارَةَ الْمَعْذُورِ تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ: أَيْ عِنْدَهُ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَبِدُخُولِهِ فَقَطْ عِنْدَ زُفَرَ)

-قوله: (بالحدث السابق) حتى أن المستحاضة لا تمسح خفيها بعد خروج الوقت إذا كان الدم سائلاً وقت الوضوء واللبس أو عند أحدهما؛ لأن طهارتها إذا انتقضت بخروج الوقت يستند الانتقاض إلى السيلان السابق لا إلى الخروج؛ لأن خروج الوقت ليس بسبب لانتقاض الطهارة.

فإن قيل: لو استند الانتقاض إلى الحدث السابق عند خروج الوقت لوجب أن يقال: إذا شرعت في التطوع ثم خرج الوقت [وجب] (٣) أن لا يلزمها القضاء؛ لأنها حينئذٍ يعلم أنها شرعت بدون الطهارة.

قلنا: هذا بطهور من كل وجه بل هو طهور من وجه اقتصارٌ من وجه، فأظهرنا الاقتصار في القضاء والظهور في حق المسح كذا في «الذخيرة» (٤).


(١) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٦٧٦).
(٢) لعله (شرح الجامع الصغير) -مخطوط- كشف الظنون (١/ ٥٦٣، ٥٦٩).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) الذخيرة البرهانية -مخطوط-.