للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: إنما لم يعكس الاقتصار والظهور فيما ذكرناه ليكون عملاً بالاحتياط، وفي عكسه لا يكون عملاً به تأمل تفهم.

وفي «الجامع الصغير» (١) لقاضي خان: أن انتقاض الطهارة بخروج الوقت يخالف انتقاض الطهارة بسبق الحدث من وجهين:

أحدهما: في منع البناء.

والثاني: في حق المسح إذا توضأ على السيلان ولبس الخف ثم أحدث حدثًا آخر له أن يمسح في الوقت لا خارج الوقت.

(وَبِأَيِّهِمَا كَانَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَفَائِدَةُ الاخْتِلافِ لا تَظْهَرُ إلا فِيمَنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا ذَكَرْنَا أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ

لِزُفَرَ أَنَّ اعْتِبَارَ الطَّهَارَةِ مَعَ الْمُنَافِي لِلْحَاجَةِ إلَى الْأَدَاءِ وَلا حَاجَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلا تُعْتَبَرُ.

وَلأبِي يُوسُفَ أَنَّ الْحَاجَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْوَقْتِ فَلا تُعْتَبَرُ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ)

-قوله: (وبأيهما كان عند أبي يوسف) وذكر في «الفوائد الظهيرية» (٢): والمحققون من مشايخنا قالوا: على قول أبي يوسف لا تنتقض طهارتها بدخول الوقت بلا خروج، وإنما تنتقض بخروج بلا دخول كما هو قولهما، ثم فيما إذا توضأت قبل الزوال ودخل وقت الظهر إنما تحتاج إلى الطهارة لأجل الظهر عنده لا لأن طهارتها انتقضت بدخول الوقت عنده، ولكن لأن طهارتها طهارة ضرورية ولا ضرورة في تقديم الطهارة على الوقت.

قلت: كأنه أراد به فخر الإسلام، ومن تابعه فإنه -رحمه الله- هكذا ذكره في «الجامع الصغير» (٣)، وكذلك [ذكر] (٤) فخر الإسلام أيضًا في طرف زفر وقال: فظن السائل أن فيه لم يجعل الخروج حدثًا، بل جعل الدخول حدثًا، وليس كذلك بل الصحيح من مذهبه أن شيئًا من ذلك ليس بحدث، وإنما لم تنتقض الطهارة بطلوع الشمس؛ لأن قيام الوقت جعل عذرًا وقد بقيت شبهة حتى لو قضى صلاة الفجر قضى معها سنتها فكان كمال الخروج بدخول وقت آخر ولم يوجد [فبقيت] (٥) شبهته فصلحت لبقاء حكم العذر تخفيفًا.

قلت: وبهذا التقرير يعلم أن العلماء الأربعة (٦) كلهم متفقون على أن الحدث السابق إنما يعمل عند خروج الوقت لا غير إلا [أن] (٧) عند أبي يوسف -رحمه الله-تقديم الطهارة على الوقت غير معتبر لعدم الحاجة فيجب عليها الوضوء ثانيًا بعد دخول الوقت.


(١) لعله (شرح الجامع الصغير) لقاضي خان -مخطوط- كشف الظنون (٢/ ١٥٨١).
(٢) سبق التعريف بها (ص ٣٤٤) هامش (٣).
(٣) لعله (الجامع الصغير) لفخر الإسلام البزدوي -مخطوط- -كشف الظنون (١/ ٥٦٩).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٦) العلماء الأربعة (أبو حنيفة، ومحمد، وأبو يوسف، وزفر).
(٧) ساقطة من (ب).