للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابتداء، حيث يبقى ضامنا؛ لأن ضمانه انعقد لا بشرط التمليك فيبقى كذلك، فكان غاصب المدبر ومعتق المدبر من أحد الشريكين بمنزلة من له أرض خراج فعطلها عن الزراعة مع [تملكه] (١) للزراعة يجب عليه الخراج؛ لتفويته النماء التقديري؛ لأن وجوب الخراج هنا متعلق بالنماء التقديري فأنزل صاحب الأرض منزلة صاحب النماء الحقيقي في حق وجوب الخراج؛ لأنه هو الذي فوته باختياره، فكذلك هاهنا أنزل غاصب المدبر، ومعتق المدبر منزله المتملك للمدبر في حق الضمان.

وأما إذا زرعها ونبت الزرع، ثم أصطلم (٢) الزرع آفة لا يجب عليه الخراج؛ لأنه لما زرع تعلق وجوب الخراج بالنماء الحقيقي وهو حقيقة الخارج، فلما هلك الخارج لم يبق وجوب الخراج؛ لأن وجوب [الخراج] (٣) في هذه الصورة تعلق بالنماء الحقيقي فلما لم يبق النماء الحقيقي [فات] (٤) شرط وجوب الخراج ففات المشروط، وهو وجوب الخراج، فكان هذا نظير من أعتق أحد الشريكين ثم دبره الآخر، أو غصب ألقن، ثم دبره المالك؛ لأن المعتق حين أعتق كان ضامنا بشرط ضمان التمليك، فلما دبره الآخر خرج ضمانه عن ضمان التمليك فلم يبق ذلك الشرط، فلا يبقى المشروط وهو الضمان، كما في اصطلام الزرع في الخراج.

وقال الإمام المحبوبي -رحمه الله-: هذا الذي ذكرنا [كله] (٥) قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وأما على قولهما (٦) التدبير لا يتجزأ، فإذا دبر أحدهما أولا كان الكل مدبرا له


(١) في (أ) تمكنه وفي (ب) تملكه.
(٢) اصطلم: أي استأصلته، والاصطلام: الاستئصال، وهو القلع من الأصل. واسطلم الزرع آفة: أي استأصله حر شديد أو برد شديد أو نحو ذلك فلا خراج.
انظر: لسان العرب (١/ ٨٠٠)، العناية شرح الهداية (٦/ ٣٩)، البناية شرح الهداية (٧/ ٢٣٢).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب) فإن.
(٥) في (ب) أصله.
(٦) أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.