للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكفر موت والنسب في حق العجم ضعيف ألا ترى أن حريتهم تحتمل الإبطال بالاسترقاق الخلاف في مطلق المعتق لأن وضع المسألة في المبسوط وإذا كانت الأم معتقة إنسان والأب حر مسلم نبطي كما ذكرنا (١).

فإن قلت: ففي قوله: (والنسب في حق العجم ضعيف) في تعليلها إيذان بأنهما إنما يرجحان ولاء العتاقة إذا كانت المعتقة معتقة العرب لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب في حق العرب قوي فكذلك معتقهم يحكي حكاية النسب وكان قويا فيترجح حينئذ معتق العرب على المنسوب في العجم لا مطلق العتق.

قلت: ذلك الضعف والقوة فيما إذا كان [في] (٢) جانب الأب حتى إن الأب إذا كان عربيا والأم معتقة إنسان فولاء الولد لقوم الأب بالاتفاق، وأما في جانب الأم فالقوة لمجرد كونها معتقة على نسب العجم. ألا ترى أنهما تعرضا لمطلق ولاء العتاقة بأنه قوي فقال لها إن ولاء العتاقة قوي حتى ظهرت قوته بأن [الناس] (٣) يتفاخرون في العتاقة؛ فإن من له أب واحد في الحرية لا يكون كفوا لمن له أبوان في الحرية (٤) على ما مر في النكاح،


(١) قال: إذا كانت الأم معتقة إنسان والأب حر مسلم نبطي لم يعتقه أحد فالولد مولى لموالي الأم في قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله تعالى- وكذلك إن كان الأب والي رجلان وعند أبي يوسف -رحمه الله تعالى- لا يكون الولد مولى لموالي الأم، ولكنه منسوب إلى قوم أبيه. قال: وكيف ينسب إلى قوم أمه، وأبوه حر له عشيرة وموال، بخلاف ما إذا كان الأب عبدا وتقرير هذا من وجهين:
أحدهما: أن العبد رقيق بجميع أجزائه، وماؤه جزء منه فإنما تثبت الحرية لمائه لاتصاله برحمها فلهذا كان الولد مولى لمواليها حتى يعتق الأب، وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا، ألا ترى أنه لو كان حرا عربيا كان الولد منسوبا إلى قوم أبيه، ولا يكون مولى لموالي أمه، فكذلك إذا كان أعجميا؛ لأن العرب والعجم في حرية الأصل سواء.
والثاني: أن الرق تلف حكما فإذا كان الأب عبدا، كان حال هذا الولد في الحكم كحال من لا أب له، فيكون منسوبا إلى مولى الأم. وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا؛ لأن الحرية حياة باعتبار صفة المالكية والعرب والعجم فيه سواء.
انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ٨٨).
(٢) في (ب) من.
(٣) في (أ) الإنسان وفي (ب) الناس والصحيح المثبت ما ذكر في (ب).
(٤) وأما في النسب فليس كذلك.
انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٩).