للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (١) وقال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) وهذا لأن الحرمة بصفة أنها ميتة أو خمر وبالضرورة لا ينعدم ذلك فإذا امتنع كان امتناعه من تناول الحرام فلا يكون آثما فيه، وكان إباحة لا رخصة (٣) لأنه كان مباحا (٤) في [حالة] (٥) الضرورة فامتناعه من التناول الحرام فلا يكون إثما فيه وكان إباحة لا رخصه لأنه كان مباحا في حالة الضرورة فامتناعه من التناول حتى تلف كامتناعه من تناول الطعام الحلال حتى تلفت نفسه فيكون آثما في ذلك وصفة الخمر به توجب الحرمة لمعنى الرفق بالتناول وهو أن يمنعه من استعمال عقله ويصده عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة وكذلك لحم الخنزير لما في طبع الخنزير من الانتهاب وللغذاء أثر في الخلق والرفق. هنا في الإباحة عند الضرورة لأن إتلاف البعض أهون من إتلاف الكل وفي الامتناع عن التناول هلاك الكل فيثبت الإباحة في هذه الحالة لهذا المعنى، وكذلك لو أوعده بقطع عضو لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس.

ألا يرى أن المضطر كما لا يباح له قتل إنسان ليأكل من لحمه، لا يباح له قطع عضو من أعضائه والضرر الذي يخاف منه التلف بمنزلة القتل.


(١) سورة [البقرة: ١٧٣].
(٢) سورة [المائدة: ٣].
(٣) الرخصة لغة: ترخيص الله للعبد في أشياء خففها عنه. والرخصة في الأمر: وهو خلاف التشديد، وقد رخص له في كذا ترخيصا فترخص هو فيه أي لم يستقص. وتقول: رخصت فلانا في كذا وكذا أي أذنت له بعد نهيي إياه عنه.
انظر: مختار الصحاح (١/ ١٢٠)، لسان العرب (٧/ ٤٠).
شرعا: عبارة عما وسع للمكلف في فعله لعذر عجز عنه مع قيام السبب المحرم.
انظر: المستصفى للغزالي (١/ ٧٨).
(٤) المباح لغة: الإحلال، يقال: أبحتك الشيء؛ أي أحللته لك. والمباح خلاف المحظور.
انظر: لسان العرب (٢/ ٤١٦).
شرعا: ما اقتضى خطاب الشرع التسوية بين فعله وتركه، من غير مدح يترتب عليه، ولا ذم.
انظر: شرح مختصر الروضة للصرصري (١/ ٣٨٦).
(٥) في (ب) حاله.