للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْأَشْيَاءِ؛ الَّتِي هِيَ نَجَسٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَانَ حُكْمُهُ؛ كَحُكْمِ مَا قُرِنَ بِهِ، لِأَنَّ الْقِرَانَ فِي الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ (١)، وَكَوْنُهُ أَصْلُ خِلْقَةِ الْآدَمِيِّ؛ لَا يَنْفِي صِفَةَ النَّجَاسَةِ، كَالْمُضْغَةِ، وَالْعَلَقَةِ (٢)، وَتَعَلُّقُهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رحمه الله- لَا يَصِحُّ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَلَئِنْ ثَبَتَ كَوْنُهُ، مَرْفُوعًا، فَنُقُولُ: الْحَدِيثُ يَشْهَدُ لَنَا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِمَاطَةِ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَالتَّشْبِيهِ بِالْمُخَاطِ، وَالْبُزَاقِ، وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ (٣) لَهُ فَظَاهِرُ الْأَمْرِ يَشْهَدُ لَنَا فَسَقَطَ الاحْتِجَاجُ بِهِ كَذَا فِي

" الْمَبْسُوطَيْنِ" (٤)

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ (٥) -رحمه الله-: وَالْمَنِيُّ الْيَابِسُ؛ إِنَّمَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ؛ إِذَا كَانَ رَأْسُ الذَّكَرِ [طَاهِرًا] (٦) وَقْتَ خُرُوجَهُ، بِأَنْ كَانَ بَالَ، وَاسْتَنْجَى، وأما إِذَا لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا، لَا يَطْهُرُ (٧)، قَالُوا، وَبِكَذَا (٨) رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمهما الله- وَكَذَلِكَ؛ إِنَّمَا يَطْهُرُ الْمُصَابُ، بِالْفَرْكِ، إِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ؛ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَذْيِ، فَأَمَّا إِذَا خَرَجَ الْمَذْيُ، عَلَى رَأْسِ الْإِحْلِيلِ (٩)، ثُمَّ خَرَجَ الْمَنِيُّ؛ لَا يَطْهُرُ الثَّوْبُ؛ بِالْفَرْكِ، ثُمَّ إِذَا فُرِكَ الْمَنِيُّ، الْيَابِسُ عَنِ الثَّوْبِ، وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ، ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءُ ذَلِكَ الثَّوْبَ؛ هَلْ يَعُودُ نَجِسًا؟


(١) في (ب): (الناقضة).
(٢) العلقة: المني ينتقل بعد طوره فيصير دما غليظا متجمدا. تهذيب الأسماء واللغات للنووي: (٤/ ٣٦). وفي الطب الحديث: المرحلة التي تعلق فيها الكرة الجرثومية بجدار الرحم. انظر: الوجيز في علم الأجنة، د/ محمد بار: (ص ٣٩).
(٣) (يشهد)، ساقطة من (ب).
(٤) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٨١ - ٨٢).
(٥) أبو إسحاق: هو إبراهيم بن يوسف بن ميمون بن قدامة البلخي، وقيل ابن رزين أبو إسحاق الباهلي الفقيه عرف بالماكياني نسبة إلى جده، شيخ بلخ وعالمها في زمانه لزم أبا يوسف حتى برع وروى عن سفيان بن عيينة وإسماعيل بن علية وحماد بن زيد، مات في جمادى الأولى، سنة ٢٣٩ هـ، وكان من أبناء التسعين -رحمه الله-.
انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (١٧/ ٧٨)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١١/ ٦٣)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي (١/ ٥١)
(٦) كذا في نسخة (ب) وفي (أ): (طاهر). وهو خطأ والصحيح ما أثبت.
(٧) ينظر: "المستصفى" للنسفي (١/ ٣٩٢).
(٨) في (ب): (وهكذا).
(٩) الْإِحْلِيلُ: وَهُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ. انظر " مقاييس اللغة لابن فارس " (٢/ ٢٠)