للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما مسألة الوكيل: فإن الموكل لما وكل الوكيل بالشرى فقد أقامه مقام نفسه، ورضي ما فعله على نفسه، فكان سقوط خيار الرؤية من الموكل ضررًا مرضيًّا بتوكيله، فلم يكن له الرد بخيار الرؤية كذلك.

وأما هاهنا بخلافه فإن الشفيع لم يوكل المشتري بالشرى، وذكر في «الجامع الكبير» لقاضي خان في ذلك الباب: الأخذ بالشفعة بمنزلة الشرى؛ لأنه تملك ببدل، فيكون الشفيع بمنزلة المشتري، والمأجور (١) منه بمنزلة البائع، وبقيت أحكام البيع إلا حكم الغرور.

قوله: (فتسليمه إليه)، أي: فتسليم الوكيل إلى الموكل (كتسليم البائع إلى المشتري، فتصير الخصومة معه)، أي: مع الموكل (٢)، كما أن الخصومة يكون (٣) مع المشتري إذا سلم البائع الدار إليه، إلا أنه مع ذلك قائم مقام الموكل، فيكتفى بحضوره، أي: بحضور الوكيل في الخصومة قبل التسليم. هذا كله جواب لسؤال مُقَدَّر يَرد على قوله: (لأن الوكيل كالبائع) من الموكل، وهو أن يقال: لو كان الوكيل بالشرى كالبائع من الموكل [كان] (٤) ينبغي أن يشترط حضور الوكيل والموكل جميعًا في الخصومة في الشفعة إذا كانت الدار في يد الوكيل، كما أن الحكم كذلك في البائع والمشتري، فإن الدار إذا كانت في يد البائع بعد شرى المشتري الدار منه لو خاصم الشفيع البائع في طلب الشفعة عند القاضي يشترط (٥) حضور المشتري مع حضور البائع في قضاء القاضي بالشفعة للشفيع؛ لما أن اليد للبائع، والملك للمشتري على ما ذكروها (٦) هنا لا يشترط حضور/ الموكل مع أن الموكل قائم مقام المشتري، بل يُكتفى بحضور الوكيل الذي هو قائم مقام البائع.

فالجواب عنه: [هو] (٧) أن الوكيل بالشرى هاهنا ثابت عن الموكل، فيكون حضوره كحضور الموكل، ولا كذلك ثمة؛ لأن البائع ليس بثابت عن المشتري فلا يكتفى لذلك بحضور البائع.

وكذا (٨) إذا كان البائع وصيًّا لميت، أي يكون الخصم للشفيع هو الوصي، يعني: إذا كان الورثة صغارًا فيما يجوز بيعه قُيِّد به؛ لأنه لا يجوز بيع الوصي ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله [على ما يجيء في موضعه إن شاء الله تعالى] (٩)، [ولا يجوز فيما يتغابن الناس في مثله على ما يجيء في موضعه إن شاء الله تعالى] (١٠)؛ لأن ولاية الوصي نظر به، ولا نظر في الغبن الفاحش فلا يجوز ذلك، أو نقول -وهو الصحيح- لأنه هو المذكور في «المبسوط» هو أن قوله: فيما يجوز بيعه احتراز عن وصي ببيع التركة مع أن الورثة كبار كلهم، فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه قال في الباب الأول من «شفعة المبسوط»: «البائع إذا كان وصيًّا لميت إلا أن الورثة إذا كانوا كبارًا كلهم، وليس على الميت دين ولم يوص بشيء يباع فيه الدار -لم يجز بيع الوصي؛ لأن الملك للورثة وهم متمكنون من النظر لأنفسهم، وإن كان فيهم صبي صغير جاز بيع الوصي في جميع الدار، وكذلك إن كان عليه دين أو أوصى بوصي من ثمن الدار، وهو استحسانٌ ذهب إليه أبو حنيفة [رضي الله عنه] (١١)، وفي القياس لا يجوز بيعه إلا في نصيب الصغير خاصة، أو بقدر الدين والوصية، ثم فيما جاز بيعه كان للشفيع أن يأخذ الدار منه بالشفعة إذا كانت في يده، [والله أعلم] (١٢) (١٣).


(١) في (ع): «المأخوذ».
(٢) في (ع): «الوكيل».
(٣) لعلها في (ع): «تكون».
(٤) ساقطة من: (ع).
(٥) في (ع): «بشرط».
(٦) في (ع): «ذكروه».
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) في (ع): «وكذلك».
(٩) زيادة من: (ع).
(١٠) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١١) زيادة من: (ع).
(١٢) زيادة من: (ع).
(١٣) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١١.