للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: للزوم إيجاب الخنزير على المسلم.

قلت: قد ذكرت جواز (١) هذا هناك فلا أعيده، وجواب آخر هنا: [هو] (٢) أن قيمة الخنزير وإن كانت بمنزلة الخنزير معنى، ولكن في كينونتها بمنزلة الخنزير شبهة، فلما كان متضمنًا إبطال حق العبد لم يعمل بهذه الشبهة، بل يعمل بها فيما إذا لم يكن متضمنًا إبطال حق الغير، فلم يعمل هاهنا بالشبهة؛ لكون العمل بها متضمنًا إبطال حق الغير.

بخلاف ما إذا مرَّ على العاشر.

ثم اعلم أن طريق [قيمة] (٣) معرفة الخمر والخنزير هو الرجوع فيها إلى من أسلم من أهل الذمة، أو من باب من فسقة المسلمين؛ فإن وقع الاختلاف في ذلك، فالقول فيه قول المشتري: بمنزلة ما إذا اختلف الشفيع والمشتري في مقدار الثمن. ذكر هذه المسألة، وهي طريق معرفة القيمة في أواخر باب ما لا يجب فيه الشفعة من شفعة «المبسوط» (٤)، ثم لم يذكر مسألة ما إذا أسلم أحد المتعاقدين في حق الشفعة، فقال في «المبسوط» (٥): «وإذا أسلم أحد المتبايعين والخمر غير مقبوضة، والدار مقبوضة، أو غير مقبوضة انتقض البيع لفوات القبض المستحق بالعقد، والإسلام يمنع قبض الخمر بحكم البيع كما يمنع العقد على الخمر، ولكن لا يبطل حق الشفيع في الشفعة؛ لأن وجوب الشفعة بأصل البيع، وقد كان صحيحًا، وبقاؤه ليس بشرط لبقاء الشفعة، كما لو اشترى دارًا بعبد فمات العبد قبل التسليم انتقض البيع، ولم يبطل به حق الشفيع؛ فيأخذها الشفيع بقيمة الخمر إن كان هو مسلمًا، أو كان المأخوذ منه مسلمًا؛ لتعذر تمليك الخمر بينهما، وإن كانا كافرين أخذها بمثل تلك الخمر؛ لأن من أسلم من المتعاقدين قد تعذر التسليم والقبض في الخمر بينه وبين الآخر بسبب إسلامه، وذلك/ غير موجود بين الشفيع والمأخوذ منه إذا كانا كافرين، وإن كان إسلام أحد المتعاقدين بعد قبض الخمر قبل قبض الدار والبيع بينهما يبقى صحيحًا؛ لأن حكم العقد في الخمر منتهٍ بالقبض، والإسلام لا يمنع قبض الدار، [والله تعالى أعلم بالصواب].


(١) في (ع): «جواب».
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٤٩.
(٥) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٦٨، ١٦٩.