للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «المغنى» (١) بعد ذكر مسائل المستأمن والمسلم الذي اشترى في دار الحرب دارًا يجب أن يعلم أن كل حكم لا يفتقر إلى قضاء القاضي، فدار الإسلام ودار الحرب في حق ذلك الحكم [سواء] (٢)، وكل حكم يفتقر إلى قضاء القاضي لا يثبت ذلك الحكم في حق من كان من المسلمين في دار الحرب بمباشرة سبب ذلك الحكم في دار الحرب، نظير الأول جواز البيع والشرى، وصحة الاستيلاد، ونفاذ العتق، ووجوب الصوم والصلاة؛ فإن هذه الأحكام من أحكام الإسلام، وتجري على من كان في دار الحرب من المسلمين؛ لأن أحكام هذه الحقوق لا تفتقر إلى القضاء.

ونظير الثاني الزياد (٣)؛ فإن المسلم إذا زنا في دار الحرب، ثم صارت [هي] (٤) دار الإسلام (٥)، أو خرج هو إلى دار الإسلام لا يقام عليه الحد؛ لأن الزنا في حال وجوده لم يوجب الحد؛ لأن ما هو المقصود من الحد الإقامة، والإقامة إلى الإمام، وليس للإمام ولاية الإقامة في دار الحرب، فلم يجب الحد لما كانت ولاية الإقامة فائتة.

قوله: (أما الخنزير فظاهر)؛ لأنه من ذوات القيم، فوجوب القيمة في ذوات القيم كان أمرًا ظاهرًا.

فإن قلت: ليس أمره بظاهر، بل أمر وجوب القيمة فيه أشد إشكالاً من وجوب القيمة في الخمر، وذلك لأنه ذكر في الكتاب في باب من ثمرة (٦) على العاشر من كتاب (الزكاة) في مسألة: فإن مَرَّ ذمي بخمر أو خنزير على العاشر، وقال (٧): «إن القيم (٨) في ذوات القيم لها حكم العين، فلذلك [لأحد يأخذ] (٩) العاشر من قيمة الخنزير، ثم أوجب هاهنا على الشفيع المسلم قيمة الخنزير، [وقد علم من ذلك التعليل: أنَّ العقد ذوات القيم حكم الأعيان فحينئذ كان إيجاب قيمة الخنزير] (١٠) على المسلم بمنزلة إيجاب الخنزير [على المسلم] (١١)، [فإيجاب الخنزير على المسلم] (١٢) غير جائز لوجهين (١٣):

أحدهما: للزوم إيجاب الحيوان غير المعين في الذمة يقابله (١٤) المال.


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣١٥.
(٢) في (ع): «على السواء».
(٣) في (ع): «الزنا»، وهو الصواب؛ لموافقته لسياق الكلام.
(٤) زيادة من: (ع).
(٥) في (ع): «إسلام».
(٦) في (ع): «يمر».
(٧) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ١٠٧.
(٨) في (ع): «القيمة».
(٩) في (ع): «لا يأخذ».
(١٠) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(١١) زيادة من: (ع).
(١٢) ساقطة من: (ع).
(١٣) في (ع): «بوجهين».
(١٤) في (ع): «بمقابلة».